اعترافات نوال السعداوي


اسمحوا لي أن أعرض لكلام قالته الدكتورة نوال السعداوي لجريدة >الوطن< الكويتية، وأن أعلق عليه. سألتها الجريدة : هل تعتبرين الأوروبية مثالاً يحتدى ونموذجاً تجب محاكاته؟ فأجابت: >لا.. أبداً.. فالمرأة الأوروبية تقدمت في ميادين وتأخرت في أخرى، فقوانين الزواج في أوروبا تظلم المرأة، وهذا هو سبب نشأة حركات تحريرية نسائية عندهم، وكذلك في أمريكا، وهي حركات قوية جداً وشرسة أحياناً<. ثم تقول : >… ديننا الإسلامي أعطى المرأة حقوقاً أكثر من كل الأديان الأخرى، وضمن لها كرامتها وعزتها، إلا أن الذي حدث أحياناً، هو أن الرجل وظف بعض جوانب هذا الدين لتركيز مجتمع رجال أبوي طبقي يسيطر فيه الذكور على الإناث<. تأملوا، إخواتي وأخواتي كلام المرأة التي ظلّت، طوال عقدين أو أكثر من الزمان، تهاجم وضع المرأة في الإسلام، وتحاول النيل منه، وتدعو إلى الغرب، ووضع المرأة في الغرب! أليس هذا تراجعا علنياً واضحاً عن كل دعواتها السابقة؟ ألا يمكن اعتبار كلماتها هذه انعطافاً قويا نحو الحقيقة؟ إنها تقر هنا بأن قوانين الزواج في أوروبا تظلم المرأة، وأن هذه القوانين الظالمة هي سبب نشأة حركات تحرير المرأة عندهم، وهي تقر، في الوقت نفسه، بأن الإسلام أعطى المرأة حقوقها وضمن لها عزتها وكرامتها، وعليه فإن مبررات إنشاء حركات تحرير للمرأة في بلادنا المسلمة لا وجود لها، لأن قوانين الزواج الظالمة في الغرب، التي كانت وراء نشوء حركات تحرير المرأة، لا أثر لها في الإسلام، ومن ثم فلا مبرر لنشوء مثل تلك الحركات عندنا. ورب قائل : إن حركات تحرير المرأة في بلادنا ليست من أجل إزالة قوانين أو تغييرها، وإنما من أجل تعسف بعض الرجال وظلمهم لزوجاتهم أو بناتهم ظلماً يخالف ما دعا إليه الإسلام.. وهو ما أشارت إليه الدكتورة السعداوي عن رجال يعملون >لتركيز مجتمع رجال أبوي طبقي يسيطر فيه الذكور على الإناثليست المشكلة مشكلة الأميات فقط… فأنا أعرف استاذات وطبيبات ومهندسات يعانين من أمية سياسية واجتماعية وثقافية<. وتقول عن خطتها القريبة : >رفع الحجاب عن العقل.. خصوصاً عند المثقفات والمثقفين<. عظيم جداً، إن نوال السعداوي تعترف هنا بحقيقتين : الأولى : أن التعليم الجامعي للمرأة لا يعني أنها أصبحت ناضجة أو واعية أو حتى مثقفة. الثانية : أن رفع الحجاب عن الوجه والشعر لا يعني رفع الحجاب عن العقل، ومن ثم يمكن أن تكون هناك مسلمة تضع الحجاب على شعرها ووجهها دون أن تضعه على عقلها. إنهما حقيقتان هامتان، بل بديهتان واضحتان، لكنهما اليوم تصدران عن امرأة هاجمت الحجاب والمتحجبات زماناً طويلاً، ودعت إلى السفور بشراسة عنيدة، ها هي اليوم تعترف بأن الشهادة الجامعية لا تنفي الأمية الاجتماعية والثقافية والسياسية عن المرأة. كم من نساء متوسطات التعليم، لكنهن واعيات ناضجات، عقولهن تزن عشرات من عقول المتعلمات المتبرجات السافرات.. وكم من نساء محجبات، محجبات الوجه والشعر والجسم، يملكن عقولاً نيرة متفتحة... هي خير من عقول آلاف من سافرات الوجوه والشعور والأجساد محجبات العقول والفطر. تابعوا معي قراءة اعترافات نوال السعداوي : سألتها الجريدة : بدأت >المرأة< تستعيد الكثير من حقوقها ومن شرعيتها، فهل ترين أن التاريخ سيقوم بدورته ويعيد إلى المرأة سيطرتها وقداستها الغابرتين؟ تجيب : >لا… أنا لا أعتقد ذلك من منطلق واع، ولا أتمناه من منطلق إنساني. أرى أن سلطة الرجل ستضمحل عندما يعتبر المرأة إنساناً مستقلاً بدنياً واقتصادياً بلا سلطة ولا وساطة أبوية… وهنا يحصل التكامل المثالي بين كائنين متساويين لن يسيطر أحدهما على الآخر، فتجربة سيطرة أحد الشقين فاشلة.. الآن لابد من التكامل الفعلي بينهما<. كلا م جميل، وإن كان الاعتراف فيه بالحقيقة ليس محدداً تماماً، لكنه على أي حال، تراجع من الدكتورة نوال السعداوي عن كثير من دعواتها السابقة، إنها هنا : أولاً : لاتؤيد فكرة الصراع بين الرجل والمرأة، أو أنها الآن تتراجع عنها، فهي لا تعتقد أن التاريخ سيعيد للمرأة ما وصفته الجريدة بـ>سيطرة المرأة وقداستها الغابرتين< وذلك من منطلق واع. وهي لا تتمناه أيضاً، حتى وإن كان ممكن الحدوث، وذلك من منطلق إنساني، وهذا الموقف هدم لأساس رئيسي من الأسس التي قامت عليها حركات ما سمي بـ>تحرير المرأة<. ثانياً : تسلّم بأن ما بين المرأة والرجل تكامل، تكامل تصفه مرة بأنه مثالي وأخرى بأنه فعلي، وهي تدعو إلى هذا التكامل وترى فيه الحل الأمثل للعلاقة بين الرجل والمرأة إذن فلا معنى للتماثل بين المرأة والرجل في كل شيء لأن التكامل بين اثنين لا يستدعي أن يكونا متماثلين . وبعد.. لا نريد أن نقول إن نوال السعداوي أصبحت من الداعيات إلى الاسلام، لكنه منعطف طيب نحو الحقيقة، ندعو الله أن يتحدد أكثر، فتلتزم بما أمرها الله، وأمرنا، إنه سميع مجيب. من كتاب رسالة الى حواء

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>