أولا وقبل أن أبدأ بالخوض في غمار هذا الموضوع والذي سأتطرق من خلاله إلى وضعية المرأة المعاصرة في حياتنا اليومية، سأحاول أن اتكلم بصوت كل امرأة حرة طليقة استجابت لدعاء ربها، فتركت وراء ظهرها كل المعاني الزائفة التي تحملها كل امرأة معاصرة تتكلم باسم الحضارة وتدعي التقدم في قارورة عطر أو علبة ماكياج أو ميلة كحل… إلخ.

لا أريدك ديكورا في مطبخ…

لا أريدك فراشة تحوم… وتحوم مغمضة العينين لتسقط في فخ قد نصب لها منذ قرون وقرون… لا أريدك دمية، قد لفت على جسدها قطعة قماش… يبدي جغرافية جسدك… أريدك أن تسخطي،  وتثوري، وتتمردي… على كل العادات الاجتماعية البالية، والمنسلخة عن الاسلام الحقيقي…!

خطوات وخطوات، حتى تكوني في منتهى المصداقية مع نفسك، أولا ثم مع مجتمعك الذي تعيشين بين أحضانه ثانيا وبذلك تكونين قد خدمت الاسلام، ورَدَدْتِ لنفسك شخصيتك التي هضمها الطاغوت، مجانا دون أن يقرر لك مصيراً، طبق عليك ديكتاتوريته حتى لا تستطيعي أن تردي كرامتك، ومركزك الحقيقي…!

أتساءل كل يوم، بل كل لحظة عن مصيري المحتوم، فأجد علامة استفهام، ملتوية بين أكفاني ومحاطة بكل أحشاء جسمي، حتى اصبح التساؤل جزءا من حياتي…! حين ذاك فهمت انني بنفسي تساؤل…! تساؤل غريب ليس له جواب، الكل يريد الإجابة عنه لكن العجز حاصل، لامفر منه، والحقيقة حقيقة نفسي، رميتها. وراء بساط ظهري حتى لا أعرف نفسي، لأتمكن من مسايرة الحياة، الحياة المرة، التي اشتهت تعذيبي بين كل فينة وأخرى، اشتهت تحطيمي وتكسيري لأصبح عاجزة عن مقاومة الحياة.

بَلَى قد أكون وسط هذا المجتمع مجرد حبر على ورق، أو أحمل عنوان الانسان بدون هدف، ليس له الحق في الكلام والتعبير، ليس له الحق في الإحساس والشعور، لا يرى… أعمى، لا يسمع… أصم، لا يتكلم… أبكم، خيرت نفسي من بين كل الاجابات، فوجدت السكوت هو الإجابة، وهو الافضل، لا أحد يريد فهم أمري، وإدراك مكنوناتي، لواعجي نار متقدة، أشعلتها نظرات محرقة، جمرات احرقت كل عرق ينبض بالحركة بداخلي، حياتي عمل، تربية وطهي وتسلية…! حين ذاك تواجدت لي الحياة كلها غريبة… رغم أنني أحمل الحب، والحنان، والعطف… وادعو للابتسامة للحياة، ضحكي مجرد قهقهات ليست من قلبي، أبكي لأفجرها في أكفاني من براكين الغضب فيأبى الدمع أن يبللني، لا يرضى أن يرضخ لهذا الواقع القاسي… امتنع عن السيلان حتى لا يلطخ ذاك الوجه الذي كم مرة تلطخ، وكم مرة تألم، وكم مرة اتسخ… حتى اصبح قمامة أزبال وحاشا لله أن يكون هذا، لأن الوجه كرمه الله، لكن هذا ما يريده الرجل ليلقي فيه كل ما يكره من كلمات قبيحة، متعفنة، ليبرر جبروته واستبداده بي… كم مرة داست علي أقدام الغضب، أقدام متسخة كرهت الشوائب والعوالق الانسحاب منها…! أحاول خلق الوقت المناسب للوقت المناسب، ليتقبل الرجل وجودي، وليفهم ما بداخلي، من عزة، وكرامة ولأتحرر من قيوده الخبيثة التي تركها تَعَصُّبُه، تاركا وراءه جراحا مندملة تئن لها أعماقي، جراح لم تضمد بعد، أباطيل خلفها الكذب والتشويه، لم يَرَنِي سوى عالم واسع يلقي صدره عليه ليظهر ذا قوة وجبروت،

- أنا التي انجبت العباقرة الذين خلدوا في التاريخ، وشهدت لهم الأماكن وتَطَيَّبَتْ الافواه للنطق بأسمائهم، وانشرحت الصدور لسماع مآثرهم.

- أنا التي اخرجت الرجل من كوكبه القديم، إلى عالم زاخر بالعلوم

- أنا التي سهرت على اخراجه وابعاده عن بيولوجيته، لكي لا يبقى متخلفا، وساهمت بكل قواي من أجل ابعاده عن السلوك الحيواني المتحجر، إلى السلوك المتحضر…!

هاأنذا أصبحت وأمسيت تلك المرأة الجميلة، ذات الطباع السيئة، التي تودع وتعانق وتقبل…، وذات الابتسامة الرقيقة، المتجلدة.

لاقيمة لي مادام الرجل يمتلكني، ويسقط شرارة نفسي، ويزعجني كلما حاولت الحركة والانطلاقة هذا هو الرجل ، الرجل الحديدي، يمكن أن اعتبر هذا الاسم كافيا بالنسبة له، لأنه يريد أن يكون شيئاً آخر غير الانسان عفوا لا أتكلم عن كل الرجال بكل ما فيه من انحطاط وسمو وشر وخير وضعف وقوة؟.

- أنا جوهرة ثابتة، جامدة، موضوعة في صندوق من الورق المقوى… مكبلة بخيوط حرير من السيطرة والسلطوية، على شكل هدية تهدى في الأعراس وترقية للرجل… وتشجيعاً له على استقبال الحياة بوجه آخر…!

كم مرة غاظني، وتحداني، واعتبر كلامي مجرد تهاويل، لِأَكْتَفِي بالصمت فقط، والمجال مفتوح على مصراعيه وسط مطبخي…!

إني اصرخ ليصلَ صدى صوتي إليك ولأقول لك : >أريد أن أكون امرأة متحررة كما حررها الاسلام من عبوديتها… صاحبة فطرة، بل افكار، أريد الدخول إلى عالمك، أريد أن أكون بطلة المسرح الذي تنظمه، أريد أن أكون رمز الحركة، وثورتي هي حركتي ووقوفي هو إعلان عن مزيتي، ومزيتي. هي التخلص من براثين السلطوية والاستبداد…! حينئذ يمكن أن أقول اني اكتسبت نفسي<.

أنا تلك المرأة التي انجبت الابرار، وسعت بكل صدق وأمان من أجل تهذيب نفسي وأخي وزوجي وولدي… أنا خديجة زوجة المصطفى الكريم، والصاحبة الوفية، والمحلقة أناحليمة المرضعة ذات حليب الوفاء والرضى والصبر، أنا بصمات فوق سجل التاريخ…! ولا أريد أن أكون لعبة كما يحلو لرجل اليوم أن يتخيلني، فقد عرفت قدري في ظل الاسلام ومبادئه الربانية.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>