عجز أم تآمر


عجز أم تآمر

على مرأى من أعين العالم المتقدم والمتحضر، وتدشينا لاول انجاز من انجازات الحضارة الحديثة في ظل النظام العالمي الجديد، وفي إخراج مسرحي رهيب تسطر فصوله وتُعَدُّ في الخفاء، يَتِمُ القضاء خطوة خطوة على شعب البوسنة والهرسك المسلم الاعزل دون مراعاة لاي جانب من جوانب الانسانية ولا لأي قيمة من قيمة الحضارة.

فبعد احتلال ما يزيد على 70% من أراضي البوسنة من قبل الصرب وبعد تكرار القصف المدمر لأحياء العاصمة سراييفوا، لم تتحرك قوات الامم المتحدة الا في الجانب الذي يسمى بالانساني، وكأن لسان حالها يقول للصرب الحاقدين : اقتل وأنا اتحمل تكاليف الدفن، حتى لا تسبب جثت القتلى توبيئ المحيط الذي قد تحمله الرياح إلى مناطق مختلفة في أوربا، ولم تتحرك قوات الحلف الاطلسي التي طالما أرعبت شرق أوربا الشيوعي، إلا بعدد من الطائرات التي صك هديرها مسامع بعض السكان الاوربيين بهدف قصف مدفع يتيم وحيد مهجور في سراييفو، ولاحداث حُفر في مطار صرب كرايينا، متجنبة عن قصد ودراية، كل هدف عسكري. ولم تتحرك وسائل الاعلام، وخاصة السمعية والبصرية منها التي اشتهر بعضها بإقامة الدنيا دون إقعادها حينما يُجْرَحُ شخص غربي في أرض ما، إلا بوصف العملية بأنها تترجم عجز الأمم المتحدة وقوات الحلف الاطلسي عن حل المشكل وتحدي الصرب لهما معاً وبأن الأمر لا يَعْدُو أن يكون اقتتالاً بين قوات حكومية مع قوات معارضة.

ولَيْتَ شِعْرِي بَعْدَ أن تبيَّنَ الصُّبْحُ لِذِي عينين هل الأمر يتعلق بعجز أَم بتواطؤ مكشوف، وَخبيث، وهل الأمر يتعلق بحكومة ومعارضة، أم بصليبية شمطاء حاقدة، ضد كل وجود اسلامي في أوروبا وفي غير أوربا.

ماذا يقول المرء العاقل حينما يرى حكومة البوسنة والهرسك تضم في أعضائها أشخاصاً من غير المسلمين؛ أليس هذا هو قمة التعقل والتحضر والديمقراطية؟ وماذا يقول المرء العاقل حينما يرى الصرب الحاقدين يعلنون أنهم بصدد خوض الجولة الثانية من معركة كوسوفو؟ اليست هذه قمة الصليبية والعنجهية والعنصرية؟

ماذا يقول المرء عن شعب أعزل مثل شعب البوسنة يدافع عن نفسه ببنادق الصيد، بينما الصرب الحاقدون مدججون بأفتك الأسلحة المحرمة دوليا؟

ماذا يقول المرء حينما يسمع بأن قوات الأمم المتحدة قد خططت لاحتلال بيهاتش، وقدمة خططها للصرب؟ ماذا يقول المرء حينما يسمع بأن هذه القوات سلمت طريقاً في سراييفو إلى الصرب؟

ماذا يقول المرء عن المناطق الآمنة التي أعلنتها الأمم المتحدة؛ ونزعت أسلحة المسلمين منها، ثم بعد ذلك تعلن عن نيتها وعزمها على الانسحاب؟

هل هذا عجز أم تآمر خبيث ومكشوف؟.

د. عبد الرحيم بلحاج

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>