“تراجع الإسلام في صناديق الإقتراع!!”


هذه مقالة مترجمة نعرضها على القراء الكرام بهدف المعرفة والتعرف على نظرة الآخر للإسلام والمسلمين. ولن نضيف أي تعليق عليها، وفي نفس الوقت نعلن صراحة أننا لا نتبنى الكثير من الأفكار التي ترد في المقالات التي نعمل على ترجمتها إلى اللغة العربية.

لقد فجر فوز الجبهة الاسلامية للانقاذ قبل ثلاث سنوات الوضع في الجزائر وأدى إلى اعتقاد خاطئ مفاده أنه كلما دُعي المسلمون إلى صناديق الاقتراع إلا وصوتوا لصالح الاسلاميين. غير أن هذا الفوز لم يَتكرر في العمليات الانتخابية التي أجريت بعد الانقلاب على المسار الديموقراطي الجزائري في أماكن متفرقة من العالم الاسلامي. أنا لا أتحدث بطبيعة الحال عن الانتخابات الرئاسية المصرية أو التونسية، ولا عن الانتخابات البرلمانية السورية الأخيرة التي تفضل الحزب الحاكم فيها بالتخلي عن ثلث المقاعد لفائدة “المستقلين”، ولا عن المجالس المعينة في الإمارات العربية المتحدة، ولكنني أتحدث عن الانتخابات التعددية التي أحيطت بضمانات حقيقية -إلى حد معقول- لحرية الاختيار، وأعني بذلك:

ü الانتخابات الباكستانية التي تقدم فيها حزب بي نظيربوتو على التحالف الاسلامي الذي تزعمه نوازشريف.

ü والانتخابات اليمنية التي لم يحصل فيها الاسلاميون المعتمدون على الثقل الكبير لقبيلة حاشد إلا على المركز الثالث بعد حزب المؤتمر والحزب الاشتراكي.

ü والانتخابات التشريعية الاردنية (نونبر 93) التي تراجع فيها نفوذ الاسلاميين إلى النصف.

ü والانتخابات اللبنانية التي لم يحصل فيها الاسلاميون بشتى أحزابهم إلا على 11 مقعداً من أصل 128، وذلك بالرغم من المقاطعة الواسعة لبعض الإتجاهات المسيحية والسنية المعتدلة.

ü الانتخابات في كردستان العراق التي كانت محكومة باعتبارات عشائرية ولم يحصل فيها الاسلاميون ولو على مقعد واحد.

ü الانتخابات البرلمانية المغربية التي نظمت في العام الماضي وفازت فيها أحزاب المعارضة فوزاً بيناً، هذه المعارضة التي لم تكن إسلامية بل وطنية أو ذات نزعة يسارية.

ü الانتخابات التشريعية الكويتية التي مكنت ثلاثة احزاب إسلامية من ولوج قاعة البرلمان في دورته الأخيرة، إلا أنها أبعدُ ما تكون عن أغلبية تمكنها من السيطرة عليه.

وقد أشارت عدة استطلاعات للرأي إلى أن حركة حماس لن تحصل سوى على 16% إلى 18% من أصوات الناخبين إذا ما تقرر تنظيم انتخابات في فلسطين.

بل حتى عندما يحقق الاسلاميون بعض التقدم (كما حصل مع حزب الرفاه الاسلامي في الانتخابات البلدية التركية) فإنهم يمثلون بالكاد 20% من مجموع الناخبين.

ويبقى النموذج السوداني أكثر دلالة على ما نقول، فقد كان على الحزب الاسلامي الذي يتزعمه الترابي أن يدبرانقلابا عسكريا سنة 1989 يستولي به على السلطة بعد أن فشل في توليها عن طريق انتخابات حرة سنة 1986 حيث جاء ترتيبه الثالث آنذاك.

مما تقدم يمكننا أن نخرج بخلاصتين، أولاهما أن الحالة الجزائرية ليس لها نظير، فمن الممكن، بل من المحتمل أن يستلم الاسلاميون الجزائريون السلطة بطريقة أو بأخرى، لكن هذا لا يحصل دائما في أماكن أخرى إذا كانت فيها المؤسسات الاسلامية التقليدية جد مضبوطة والقطيعة حاصلة بين أنصار الاسلام الثقافي والاسلام السياسي، وإذا كان التبذير والاسراف في النفقات الحكومية أقل ضخامة، وإذا كان الهم الوحيد لحزب وحيد هو انتزاع السلطة من حزب وحيد.

ثم إنه ينبغي الكف عن التذرع بالسابقة الجزائرية المزعومة للقبول بهؤلاء الحكام الذين يتمسكون بالسلطة وشعارهم الوحيد هو “إما نحن أو آيات الله”، فلا دليل على صدق زعمهم، بل كل الدلائل تنطق بعكس ذلك. فخيبة الأمل التي عرفتها العملية الديموقراطية في الجزائر يجب ألا تسوغ لنا الخضوع لحكامديكتاتوريين إنجازهم الوحيد هو إضطهادهم للملتحين.

إن اعتبار الاسلاميين التهديد الحقيقي الوحيد للمصالح الغربية يعد في حد ذاته هدية ثمينة لهم لأنه يزيد من شعبيتهم في الضواحي المحرومة والفقيرة في القاهرة والجزائر العاصمة، كما أن القطع بكونهم أقل ديموقراطية من الحكام الديكتاتوريين قول مجانب للحقيقة، أما الامتناع عن تنظيم الانتخابات إذا غلب اليقين بأنهم سيربحونها فيعتبر خرقا سافراً لأبسط قناعاتنا الديموقراطية…

إنه من الممكن أن تتمخض الأوضاع عن أنظمة إسلامية جديدة تنضاف إلى نظامي إيران والسودان، وإنه لمن الأفضل أن تخرج من صناديق الاقتراع وليس من أفواه البنادق.

نقله إلى العربية بتصرف : كمال أبو إسماعيل نقلا عن مجلة Jeune Afrique  عدد 1771 التي نقلته عن : مجلة Liberation الفرنسية.

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>