حصلت >المجتمع< على وثيقة هامة تتحدث عن الإستراتيجية الأمريكية لأمن الخليج حتى عام 2000م، والوثيقة أعدها فريق من وزارتي الخارجية والدفاع >البنتاجون< ولجنتي الشؤون الخارجية والأمن القومي في الكونجرس، ورُفعت إلى البيت الأبيض لاعتمادها كخطة عمل استراتيجية للولايات المتحدة في الخليج حتى نهاية هذا القرن.ونأخذ منها المقتطفات التالية :
ومع أن حرب الخليج أدت إلى تقليص قوة العراق العسكرية إلا أنه ما زال يملك أكبر قوة في الخليج، ويستدعي كل الدعاوي التي اتخذها تعلة لغزو الكويت، ويمكن -إذا لم تتواجد القوات الغربية- أن يهاجم الكويت أو السعودية دون إنذار.
والمُقلق أكثر هو أن العراق يمكنه استعادة قدرته على بناء الصواريخ الباليستية ذات المدى القصير خلال عام واحد بعد رفع ضوابط الأمم المتحدة كما يستطيع إكمال بناء سلاحه النووي خلال 6 أو 8 سنوات.
ولا تزال إيران تشكل خطرا على المدى البعيد، أما الآن فما زالت تستفيد من خسائر العراق وعزلته بعد حرب الخليج، كما -تسعى لاستعادة مواقفها المتفوقة في المنطقة- وسوف تعمل طهران مستقبلا على استخدام وسائل التخريب السياسي والفكري والديني للإطاحة بالأنظمة المعتدلة في المنطقة.
إن قدرات إيران العسكرية ستظل محدودة حتى نهاية هذا القرن، وليس من المتوقع أن تحصل على سلاح نووي إلا خلال 8-10 سنوات، ولكن مشترياتها الحديثة : غواصات كيلو، صواريخ نودونج، أسلحة كيماوية، تدل على نيتها الواضحة لبناء قوة هجومية.
القوة العسكرية الأمريكية بعد الحرب الباردة
يجب على الولايات المتحدة أن تظل مرتبطة سياسيا واقتصاديا وعسكريا مع المناطق المهمة لأمنها ورخائها، ويعد الخليج على رأس قائمة هذه المناطق، ورغم انقضاء خطر نشوب حرب عالمية بسبب المواجهة مع الإتحاد السوفيتي، فالواجبأن نعيد النظر في متطلبات قواتنا العسكرية وقد تمت هذه المراجعة بأسلوب : >المراجعة الشاملة<.
ستقوم الولايات المتحدة بتجهيز قوات كافية للمحافظة على دورها كقوة دولية وستكون القوات الأمريكية بالقدر الذي يمكنها من مواجهة صراعين إقليميين رئيسيين متباعدين ومتزامنين في آن واحد، ونعني بعبارة >صراع رئيسي في المنطقة< حربا من نوع وحجم حرب الخليج….
ومع التخفيض الكبير لقواتنا الذي نخطط له بعد نهاية الحرب الباردة ، علينا أن نركز دائما على ثلاثة مبادئ أساسية :
1- أن تكون قواتنا دائما جاهزة للقتال.
2- أن تكون عناصرها ذات مستوى عال.
3-أن نحافظ على تفوقنا التكنولوجي.
ويمكننا تلخيص مجمل قواتنا التي سيتم تجهيزها واعتمادها في أواخر هذا العقد (1999م) على النحو التالي :
- قوات برية : 10فرق عاملة و5 فرق احتياطية.
-قوات بحرية : 11 حاملة طائرات أساسية وحاملة طائرات واحدة احتياطية 45-55 غواصة هجومية، 346 سفينة.
- قوات جوية : 13 سربا مقاتلا عاملا و7 أسراب مقاتلة احتياطية وحوالي 184 قاذفة قنابل ب52ه، ب1، ب2.
- قوات المارينز : 3 سرايا محمولة، 174 ألف فرد عامل، 42 ألف فرد احتياطي.
- القوات النووية الإستراتيجية (في عام 2003) : 18 غواصة صواريخ باليستية، 94 قاذفة قنابل ب52ه، 20 قاذفة قنابل ب2، 500 صاروخ عابر للقارات ذات رأس نووي واحد من طراز مينتمان 3.
الإستراتيجية المشتركة لأمن الخليج.
… ويجب أن ندرك أن دول الخليج غير مؤهلة لمواجهة التحدي على انفراد لذلك فإننا نقترح خطة استراتيجية تعاونية لأمن الخليج لتحقيق الأهداف التالية :
1- تأمين حرية التبادل التجاري في الإتجاهين.
2- منع العراق وإيران من فرض سيطرتها على المنطقة، ويفضل أن يتخليا كليا عن فكرة السيطرة على الخليج ولكن إذا أصرا على موقفهما فعلينا منعهما من النجاح وهذا يعني منع إيران من تصدير أفكارها الراديكالية، ومن إضعاف الدول الصديقة أو زيادة مجال سيطرتها، وهذا يعني أيضا منع العراق من تحقيق غايته التوسعية وتهديده للدول المجاورة بأسلحة الدمار الشامل أو بواسطة قواته التقليدية المتفوقة.
3- تخفيض أسلحة الدمار الشامل في المنطقة وذلك بالتخلص منها إن أمكن ذلك ومنع انتشارها في بلاد أخرى…
من الناحية العسكرية فإن الولايات المتحدة تتصور خطة ذات ثلاث درجات لتقوية أمن الخليج :
الأولى : قدرة الدفاع عن النفس لدى كل دولة، وذلك من خلال التدريبات المشتركة والمناورات، والتطوير في الأنظمة والمبادئ العسكرية، وتحديث المعدات الحربية….
الثانية : تشجيع التعوان الدفاعي بين دول الخليج والدول الصديقة في الشرق الأوسط…
الثالثة والأخيرة :
التعاون بين دول المنطقة والدول الصديقة من خارج المنطقة ومنها الولايات المتحدة، وعلينا أن نقوي قدرتنا وقدرة حلفائنا الغربيين على الإنتشار السريع في أرض المعركة والقتال بفعالية إلى جانب قوات دول الخليج والدول الصديقة…
وكما أوضحنا مرارا لا ننوي بناء قواعد ثابتة لقواتنا في دول الخليج…
ولذلك فإننا نبحث عن عدة وسائل أخرى لإثبات وجودنا في المنطقة بإيجاد نوعية أخرى من القوات تقوم بهذه المهمة دون حاجة إلى إنشاء قواعد ثابتة لها…
بالمقارنة بأوضاع عام 1990م فإن أغلب القوات الأمريكية ستتواجد في المستقبل في الولايات المتحدة وليس في أوربا أوالشرق الأقصى، إذ أن أكثر من نصف الفرق الأمريكية الثقيلة وثلث مقاتلات الجو التي تم نشرها في الخليج إبان عملية عاصفة الصحراء جاءت من أوربا إلا أنها لم تعد موجودة في أوربا إلى حد كبير، ولن تتواجد هناك في السنوات القادمة.
كما أنه من غير المتوقع أن يوفر لنا أي عدو نفس الفرصة التي حصلنا عليها من صدام حسين لحشد وتعزيز قواتنا…
إننا سنضطر إلى نشر قواتنا إلى أماكن أبعد وبصورة أسرع في حال نشوب نزاع آخر في الخليج على شاكلة حرب 1990م، ويمكننا اتخاذ عدة خطوات لتسريع عملية نشر القوات، منها تحسين النقل الجوي، ولكن مفتاح نجاح هذه الخطة هو إيجاد مشروع عملي وفعال للتخزين المسبق للمعدات العسكرية.
تتضمن عملية التخزين المسبق تلك نقل العتاد الحربي الثقيل والكبير الحجم الذي يصعب نقله ونشره بسرعة وحفظه في أماكن محددة لاستعماله عند الأزمة وبهذه الطريقة يمكننا نقل الجنود والمعدات الخفيفة التي يمكن نقلها خلال أيام قليلة -لا أسابيع- من أجل تجهيز وتدعيم قدراتهم القتالية في الميدان، إن عملية كهذه من شأنها أن تؤدي إلى النصر أو الهزيمة في الحرب الحديثة سريعة الحركة…
ويجب أن ندرك أن مشاريع التخزين المسبق هذه،وكذلك الجهود التعاونية الأخرى، غايتها تأمين حماية المنطقة ككل وليس بلدا واحدا لأن كافة دول المنطقة ستستفيد من هذا المشروع ويجب على كل دولة أن تشارك بفعالية لإنجاحه.
إننا نحث وبقوة، دول مجلس التعاون الخليجي وأصدقاءهم في الشرق الأوسط لاعتماد منهج جماعي يضمن تحمل كل دولة مسئوليتها المالية والسياسية.
لقد أحرزنا تقدما ملموسا في ترتيب مشروع التخزين المسبق في الخليج منذ نهاية حرب الخليج، إلا أنه ما زال يتطلب الكثير لتنفيذه.
عن مجلة “المجتمع” بتصرف ع