في أي درك من الخطر نحن؟


في أي درك من الخطر نحن؟

جاء في تقرير هام صادر عن لجنة تضم كبار الاختصاصيين التربويين وقادة الصناعة والشخصيات العامة بأمريكا بعض المحاذير المنذرة بالخطر مادامت التربية والتعليم لاتستجيب للتطورات التي يتطلبها الصراع التكنلوجي الهائل.

“ويرى التقرير أنه لو قامت قوة معادية بفرض أداء تعليمي قليل الجودة على الشعب الأمريكي لاعتبر ذلك مدعاة للحرب. ولكن ذلك يحدث الآن من خلالنا نحن الذين سمحنا به”

ويصف التقرير المستوى المتدني للتعليم بأنه عمل بلا تفكير وعملية نزع لسلاح التعليم (ص12)

ويقدم التقرير دراسة الواقع الخطر للتربية والتعليم كما يقدم مؤشرات هذا الخطر ثم الآمال والمثبطات والأدوات المتاحة لإصلاح التعليم ثم توصيات حول المحتوى وحول التنفيذ والمستويات والتوقعات، ثم التوصية المتعلقة بقيادة الاصلاح والدعم المالي وكلمة إلى الآباء والمدرسة والاداريين.

كتب هذا التقرير سنة 1983 ونشر في مكتب التربية لدول الخليج سنة1984 ويبدو أنه مختصر فقط  ويحمل عنوان” أمة معرضة للخطر” حسب الترجمة العربية، وهذا يعني أن الدولة العظمى الضابطة للعالم بأسره غير راضية عن مستوى تعليمها وعن تربيتها ومستوى أداء مدارسها وجامعاتها وعليها أن تعنى بكل جدية وتصميم بتجديد مناهجها التربوية وبث الحيوية في أوصال مؤسساتها التربوية من الابتداءإلى الانتهاء..

وفي هذه الأيام أعلنت في انجلترا بلد الحضارة والتقدم والتقاليد العريقة والتعليم الراقي-بعض الدراسات التي اهتمت بالأطفال الصغار

ويقول خبراء التعليم في بريطانيا : إن نتائج هذه الدراسة الميدانية خير دليل على رداءة وفشل المناهج التعليمية في هذه البلاد”وقد وقع النداء بوجوب تدارك الأمر قبل فوات الأوان لتفادي الانهيار في المستوى التعليمي للأطفال في بريطانية (   الشرق الأوسط 16/11/91 )

ومن حين لآخر نقرأ تقارير ودراسات هامة عن التربية والتعليم في البلدان المتقدمة، ولم نر قط بلدا من هذه البلدان راضيا عما أنجزه ولا قانعا بما وصل إليه بل هو يطالب ويعمل دائما على >التجديد والتعديل والتغيير وهويقيس نفسه بغيره بمن هم في الطليعة أو في مقدمة حلبة السباق  ولايعرف التهاون في هذا المجال لحرصه الشديد على أن تكون مدرسته وتربيته وحياته العملية في مستوى يؤهله للحياة الكريمة المتقدمة في عالم يتميز بتسابق تكنولوجي وعلمي وصناعي مذهل، لذلك نجد المؤسسات الصناعية والاقتصادية والمالية والشركات الكبرى والمتوسطة بل وحتى الصغيرة الناشئة تخصص نسبة هامة من أرباحها للبحث في المجالات التي تمس الشركة أو المؤسسة وذلك  من أجل امكانية البقاء والحياة في مستوى القرن الواحد والعشرين وهناك دراسات وابحاث فائقة وعظيمة في مجال القيادات الادارية منها ما يتداول في نطاق المؤسسة أو في نطاق قيادي محدود وقد أطلعني بعض اخواننا الذين يعيشون في “دار الحضارة والتقدم” ويسهمون في قيادة بعض الشركات العالمية الهامة على بعض تلك الدراسات وأخبرني أن القوم هناك يعيشون في قلق وتوترلكنه قلق حضاري وتوتر ايجابي يدفع دائما إلى تجاوز الواقع إلى ماهو أفضل وأحسن وأقوى وأنفع وأجدى أما نحن في دار التخلف التي كانت تسمى من قبل دار الإسلام فنعيش مطمئنين قانعين بما عندنا مشيدين بما حققناه من مكاسب “هامة، في التعليم من بناء المدارس في المدن والبوادي والجبال والفيافي وما يتخرج من الجامعات الكثيرة و تبذل “ديار التخلف” أموالا طائلة للتغني بالامجاد والانجازات التي حققه التعليم كأن هذه >الديار أخذت زمام المبادرة فأبقت وسبقت مما يستدعي الاطمئنان والرضى التام والقبول والتسليم ويحث على الارتخاء والاتكال على الحاضر لبناء المستقبل والدخول إلى القرن الواحد والعشرين بمستوى لائق ومكانة ذات حيز مهم يبعث على الفرح والسرور ولعل في أمثال هؤلاء نزل قول الله سبحانه وتعالى”إن الله لايحب الفرحين” نعم قد يحدث قلق أو توتر لكنه عابر وسلبي لايحمل القوم على مراجعة جادة أودراسات علمية أوأبحاث تربوية عميقة أو إقدام على التطبيق مع مراقبة ومتابعة صارمة. إن ذلك القلق بتلك الصفة سرعان مايختفي بتوازن عجيب وسكون رهيب كسكون الراقدين تحت التراب دون أي محاولة جادة لتقويم الدرك الأسفل الذي انحطت إليه التربية وتبوأه التعليم عن جدارة واستحقاق ولاحول لاقوة إلا بالله العظيم.

الدكتور عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>