وفيك الخصم والحكم
قال تعالى : (إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون).
وقد ثقفنا القوم وأدركونا ووضعونا حكاما وشعوبا في ثقافاتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية والغذائية واحتنكونا أي وضعوا في أحناكنا اللُّجُم والأرسانَ والصَّرائم جمع صريمة : عود يوضع عَرْضًا على فم الجدي لئلا يَرْضَعُ) وقد كانوا من قبل يهابوننا يوم كانت الشعوب الإسلامية تتمتع أكثر بالحرية في مواجهة أعدائها إذ كان حكامها إما خونة يمالئون العدو جهارا ويجعلون أنفسهم طلائع لجيوشهم التي اجتاحت العالم الإسلامي أو كانوا مخلصين فآثروا الموت أو العزل والنفي على الذل والهوان فأصبحوا بمواقفهم وجهادهم قدوة لشعوبهم في الجهاد والنضال وفي خضم المعاناة والجهاد والتضحية أو في زنازن السجون وأجواء المنافي السحيقة أو في قمم الجبال وقفار الصحاري تخرجت قيادات شعبية عظيمة واستطاعت أن تقود شعوبها في معارك ضارية مع الاستعمار الذي لم يجد بدا من تغيير أسلوبه في التعامل مع الشعوب القوية العزيزة الكريمة…
واليوم وفي ظل النظام العالمي الجديد لم يعد هناك مجال للمناورة والمساومة واللعب على الحبال وبراعة الانتقال من هنا إلى هناك.. إن النظام العالمي الجديد أي القاضي الذي تحتكم إليه الدول والأمم والحكومات هو الخصم عينه ونفسه فحكمه عدل وعدله حسم والذل له عز والاعتزاز به ذل وهوان، وليس للعبيد إلا الخضوع والولاء المطلق والتخلي عن الحرية والاستقلالية والكرامة لأن في ذلك التعرض للسخط والطرد من رحمة أرباب النظام العالمي الجديد والويل لمن يجرأ بالشكوى أو يظهر التبرم أو لا يرضى بالأمر الذي يصدره الخصم الحكم.
إنما ذلك الشيطان يخوف أولياءه (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا).