هنيئا للأخ >اشبابو< بفوزه بمحبة أهل طنجة، الذي كان رحمة وانفراج كربة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم >إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى العَبْدَ، نَادَى جِبْرِيلَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالـَى يُحٍبُّ فُلاَناً، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبُّوهْ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ< متفق عليه.
وقد عبر أهل طنجة الشرفاء الأبرار عن هذا الحب الصادق، الذي لا يستطيع أحد ـ مهما برع في المناورة والكيد ـ أن يطعن في صدقه، أو ينحرف به عن مساره الصحيح، أكدوا ذلك بالدليل الملموس، والبرهان المحسوس، ليعلنوا أن الضمائرالحية في هذا البلد على استعداد لخوض معركة التغيير الحضاري، الذي يبني ولا يهدم، وعلى استعداد للإسهام في الإصلاح والبناء، إذا ما أتيحت لهم الفرصة التاريخية، وواتتهم المناسبة الحاسمة لاستئصال الفساد، وصفع الباطل المنتفش في كبرياء….
لماذا أحبك أهل طنجة، وأنت لا توزع الأموال يمينا ويسارا، ولا تبيح لنفسك الكذب بتوزيع الوعود والأماني؟ ذلك سر بينك وبين ربك الذي جعل لك القبول في الأرض بين عباده، لا حق لنا في البحث عنه، وإنما لنا الحق في أن نسأل الله تعالى أن يرزقنا ويرزق المسلمين جميعا من فضله وإحسانه، كما رزقك ورزق كل صادق من المؤمنين المحسنين. فاللهم أتمم النعمة.
إنها نعمة تستحق التهنئة، ولهذا فنحن نهنئك بهذا الفوز العظيم، الذي أعجز اللاهثين ليلا ونهارا، وما أدركوا منه معشارا. وما ينبغي أن تفهم على أنها تهنئة :
أ ـ للتسلية : فلك في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، وإخوانه، أسوة حسنة، إذ ما كان همهم الدنيا، ومناصبها، وزينتها…. ولكن كان همهم الآخرة ورضا الله سبحانه وتعالى >قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ ممِاَّ يَجْمَعُونَ< سورة يونس 58
ب ـ أو للشماتة : في المصابين بمرض حب الظهور، والإستئثار بالكرسي المنخور، ـ لو كانوا يعلمون ـ، فهؤلاء يكفيهم ما هم فيه من الهم والنصب، ونسأل الله تعالى لنا، ولهم، ولكل المسلمين، العافية والسلامة من كل الأمراض المدمرة لمستقبل المسلمين، فقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقول : >اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلاَ تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَمَبْلَغَ عِلْمِنَا<
ولكن نهنئك :
1) لأن الله تعالى خلد إسمك في ذاكرة التاريخ الحي النابض بالعطاءات المخلصة بدون حدود، ولا انتظار عوائد وردود. كما يفعل البررة المخلصون من أبناء الأمة الشاكرة.
ال2) لأن الله تعالى حررك من سجن هم الدنيا ومشاغلها، وفرض علـى غيرك الدخول ـ برضا وطواعية ـ إلى سجن الوحل في الأطيان، والغوص في حمأة البهتان، وما يتبع ذلك من الإحساس المؤلم بثقل سلاسل عقد الذنوب، التي تسجلها ذاكرة الشعوب، ولا يهملها أو ينساها علام الغيوب.
3) لأنك ملكت نفسك، ـ بتوفيق من الله تعالى ـ فلم تنزلق في متاهات النفخ الإعلامي، والدخول في معارك الإستجوابات الصحفية المغرضة، والتحرك المحموم للرد على هذا، والهجوم على ذاك… كما يفعل الراهنون لمصائرهم بالنتيجة المرصودة للرتع، واللغو، واللهو، والتهالك….
4) لأنك قرأت التجربة قراءة إيمانية، فحمدت الله تعالى، الذي أزاح عن كاهلك مسؤولية لا تدرى عقباها، فكنت من المتعظين بقوله تعالى>ذلك تخفيف من ربكم ورحمة< إذ ما قيمة مسؤولية لا امتلاك لحق القرار والإبداع فيها، وإنما هي رقم أصم أخرس، لا يتململ ولا يتنفس، على عكس القراءة الخبزية، لأصحاب الإتجاهات المادية.
5) لأنك كنت رحمة لأهل طنجة، فقد انفرجت الكثيرمن الأزمات والكرب، وسورع إلى تدارس مشاكلهم، وعلاج قضاياهم، قبل استفحال الخطب، وانفلات الزمام من اليد. ألم تكن هذه غايتك ورسالتك؟! فقد أديتها في صمت خاشع، وسكوت واعظ راهب.
وأخيرا هنيئا لك بالمحبة والثقة التي أولتها إياك عروس الشمال، وهنيئا لطنجة برجالها ونسائها الشرفاء الأحرار، الذين خطوا خطوة تاريخية لا يضيع أجرها عند الله تعالى . أما أصحاب الضمائر الميتة، >فَذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ<.