هل تعرف الحياة الحقيقية؟
> فاطمة الزهراء
(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) آية يقرأها الإنسان ليعتقد في قرارة نفسه أن الله تعالى -وحاشاه- ما تعسف في هذا الحكم.
هل فعلا خلقنا الله وسخر لنا هذه الدنيا بزينتها ومتاعها لنعبده وحده ليلا ونهارا؟ وما هي هذه الحياة إذن؟ وما حقيقتها؟ أو على الأصح كيف ستكون أحلامنا وآمالنا في هذه الحياة؟
أحلام كثيرة ومتنوعة يعيش عليها كل فرد منا حسب بيئته وتفكيره… ومقدار جهله، وما أكثر جُهَّالَ مجتمعنا “العصري”، إلا أن جهلنا ألوانٌ : جَهْلُ قراءةٍ وكتابةٍ وجهل “تَعَالُمِ” وشهادات وهؤلاء أحلامُهُمْ تسير نحو امتلاك لقب دكتور تضْمَنُ له التفاخر في مقهًى من مقاهي الدكاترة، والإدلاء بآرائه في مواضيع عديدةٍ جدا، وفارغة جدا جدا. المجتهد فيهم يجري لنيل جائزة نوبل للسلام الخيالي الذي لا زلنا نرغب في تصديقه، والضعيف فيهم يحلم بسحق المتفوق وإذلاله والتفوق عليه ولو في المنام.
فهل هذه هي الحياة…. وهذه هي الأحلام التي تستحق الجري وراءها…؟؟
أم الحياة حياة تُجَّارٍ صغار يجرون ليكبروا، أو كبار يرغبون أن يمتلكوا الأرض تحت سيطرتهم ولو أعطيتهم واديا من ذهب لسعوا للثاني؟.
أم الحياة هي ما يعيشها الطالب في خضم الدروس والأساتذة، يطرب لكلمة إعجاب من أستاذ، ويشتم آخر لأنه لم يقدره حق قدره، حتى إذا نال الشهادة دار في فلك البحث عن المهنة، ثم البيت، ثم الأولاد، ثم تدريسهم، ثم، ثم، ثم…. أحلامٌ لا تنتهي ولا توصل أبدا إلى السعادة المنشودة إنما هي طريق تعب وإرهاق وبؤس يشهد به الواقع في أنصع صورة؟
وكل هذه التمنيات والآمال تصب في قالب واحد : حب التفوق والسيطرة والجاه، واستعباد الآخرين إلى أقصى درجة، أو بمعنى أوضح التأله على الأرض.
ونجح الشيطان ونجح مكره الضعيف (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا). أجل إنه يلعب على هذه الكلمة الخطيرة، يغرر كل إنسان بنفسه فلا يرى غيرها، بل يحاول إظهارها للآخرين وعلى الآخرين كل الوسائل -وما أبشع وسائل عصرنا- فما الحياة إذن، وما الحلم أو الأمل الحق الموصل للسعادة، إذا كان كل ما في هذه الدنيا لا يسعد -ويعلم ذلك جيدا من يمتلك ما يعتقده الجاهلون مسعدا- فلم تبق السعادة الحقيقية إلا في الآخرة، والحلم بها والأمل فيها وفي نيل رضا الله، لا نجري ونلهث على بائد أبدا، إنما هو الأمل في الباقي الخالد، والعمل الدؤوب لهذا الهدف وحده، والترفع عن هذه الترهات والغوايات الشيطانية، وكل ما سخره الله لنا في هذه الدنيا كان مساعدة لنا في طريق عبادته وإلى جنته، لا لننسى الهدف وننشغل عن الأصل بزينة خادعة فنرهق أنفسنا جريا وراءها بل قد نتقاتل من أجلها.
فما أتعس أن نتطاحن من أجل سراب يظنه العطشان ماءا، وما أسمى أن يعيش الإنسان يحلم للغد القريب غد الآخرة ولقاء الله فهل بعد هذا يمكن أن تشك في أن الله سبحانه هو الذي يعلم أين تكمن سعادتنا حين أمرنا أن لا نعيش إلا لنعبده….؟ أترك لك الجواب.
اسع معي أخي لحب الله والأمل الدائم في أرضائه تعرف طعم السعادة الحقيقية التي قال عنها العلماء العارفون : “لَوْ عَلِمَ اَلمْلوكُ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنْ سَعَادَةٍ لَقَاتَلُونَا عَلَيْهَا بِالسُّيُوفِ”.