مقارنة خاطئة بين النضالين الفلسطيني والجنوب ـ إفريقي
تبريرا لخوضه مفاوضات السلام مع الكيان الصهيوني، كان الرئيس عرفات وما يزال يشيد ويستشهد بالنتائج الإيجابية التي حصل عليها حزب المؤتمر الوطني في جنوب إفريقيا، من إطلاق لسراح زعيمه نيلسون مانديلا، مرورا بالقضاء على نظام التفرقة العنصرية، وصولا إلى إجراء أول انتخابات حرة ونزيهة غير عرقية ولا منحازة، حصل بها الحزب على رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان الذي يتوفر فيه على أغلبية مهمة من الأعضاء كما هو الحال في الحكومة الإئتلافية. وبالمقابل كان ينعث الرئيس الفلسطيني معارضيه وخصوصا حماس بأنها “زولو إنكاتا فلسطين”.
نعم إن القضيتين ( الفلسطينية والجنوب إفريقية) تشتركان في مجموعة من القواسم :
ـ نظام الإحتلال في البلدين نظام عنصري يعتمد على عنصرية الدين في فلسطين وعلى عنصرية اللون في جنوب إفريقيا.
ـ الإحتلال يشكل أقلية بالنسبة للشعوب الأصلية.
ـ اعتماد الإحتلال على ظهير قوي يتمثل أساسا في الدول الغربية الصناعية.
ـ الإحتلال في البلدين يعد من القوى الإقتصادية والتكنلوجية والعسكرية الكبرى في العالم.
ـ نضال الشعبين تم تأطيره من طرف حركتين رئيسيتين هما : حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ومنظمة التحرير الفلسطينية. وكلاهما يتمتعان بنفوذ ودعم قوي في الداخل والخارج. فهما الممثلان الشرعيان للقضيتين، والإستثناء الوحيد هو أن المنظمة تعتبر نفسها ويعترف لها بأنها الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني بينما حزب المؤتمر لا يحتكر هذه الصفة.
ـ الهدف المصيري الذي تعلنه الحركتان في مواثيقهما وأدبياتهما هو التحرير الكامل للأرض والشعب. إلا أن المنظمة من الناحية العملية تقزم وتحجم هدفها إلى الكونفدرالية الفلسطينية ـ الأردنية إلى الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة منذ 1967 إلى منطقة الحكم الذاتي إلى .. إلى …إلى …
ـ نضال الشعبين عمر مدة طويلة من الزمن، إلا أن نفس الجنوب ـ إفريقيين كان أطول إذ تجاوز مثيله الفلسطيني بأكثر من قرنين. وهكذا يتبين مما سبق أنه بالرغم من تشابه الإحتلال والقضيتين فإن الحركتين لم تكونا في مستوى هذا التشابه على أرض الواقع، لذلك كانت المكتسبات التي تم تحقيقها متفاوتة تفاوتا كبيرا. فحزب المؤتمر الوطني الإفريقي تحقق هدف نضاله. بتشبثه بهذا الهدف والتمسك به وعدم تغييره لظروف أو تأثيرات داخلية أو خارجية. بينما لم تحصل منظمة التحرير الفلسطينية إلا على أشبار لا تتعدى 2% من أرض فلسطين “كل فلسطين”، ولم تُهَب لها إلا سلطات محدودة تماثل السلطات المخولة للبلديات في الدول الديموقراطية، ومرد ذلك إلى التقلبات الإيديولوجية والسياسية والتنظيمية التي عرفتها الحركة الفلسطينية وإلى الإقتتال الداخلي وإلى الخيانات المتكررة وإلى الإستعجال في قطف ثمار النضال الشخصي وذلك “بالترأس”.
أحمد الفيلالي.