بارقة هم يقدسون لغتهم أمانحن… فإلى الله المشتكى


بارقة

هم يقدسون لغتهم أمانحن… فإلى الله المشتكى

> الدكتور عبد السلام الهراس

إن الحكومة الفرنسية مهتمة اهتماما كبيرا بحماية المواطن الفرنسي من الرطانة الانجليزية التي تحاصره من الجهات الست وذلك بتعزيز مكانة اللغة الفرنسية. وقد صادقت حكومة “بلادور” في 23 فبراير من السنة الجارية على قانون صارم ينص على أن استعمال اللغة الفرنسية اجباري في الدوائر الاعلامية وفي المطاعم وفي وسائل النقل العمومي، وإلزامي في الاتصالات والمناقشات والتظاهرات والملتقيات والمؤتمرات التي تنظمها فرنسا، وفي مجالات التكنولوجيا، ووسائل الاعلام السمعي البصري (التلفزيون) والاشهار أي الاعلانات (البُرويَاكَانْدْ)، وفي ذات الوقت يمنع منعا باتا وشاملا استعمال كلمات أجنبية في المصالح العامة والمؤسسات. وقد حدد القانون عقوبات زاجرة وباهظة لكل من يخالف مقتضياته، وحددت لذلك غرامة مالية تتراوح مابين ألف فرنك فرنسي (1650درهم) وعشرين ألف فرنك فرنسي في حالة استعمال مفردات أجنبية إلا ما يخص “العلامة التجارية”. وقد تقدم بالمشروع أمام البرلمان الفرنسي وزير الثقافة الفرنسي السيد المبجل “جاك تُوبُون”. والمُهم أن أغلبية الفرنسيين تؤيد مشروع القانون.. ولكنه لقي معارضةً شديدة من أحزاب المعارضة.. كالحزب الاشتراكي للسيد المبجل فرنسوا ميتران، كما أيدت المشروع وزيرة الثقافة الكندية والاتصالات بكيبك، المسؤولة الفرنكفونية بكيبك (جريدة أنوال 16/4/1994). وسبق أن أصدر المجلس الأعلى للقضاء بفرنسا حكما حاسما في موضوع تحريم استعمال الالفاظ غير الفرنسية في الاعلانات والعناوين والاشهار، وعلى الدكاكين، باعتبارأن اللغة الفرنسية لغة مقدسة لايجوز المساس بها.

هكذا يحترم “القوم” لغتهم كما يحترمون “سبْتَهم” و”أحدَهم”. وفي فلسطين المستعمرة يقدس اليهود “عبريتهم” التي أحيوها من “قبورها”، وما رأينا دولة تحترم نفسها وتحترم شعبها وتحترم دستورها إلا وهي تحترم بل تقدس لغتها مثل اليابان والصين واسبانيا والبرتغال وكوريا واليونان والصرب ورمانيا والرّوس وإيران.

أما نحن فلا نحترم لغة القرآن، بل نحاصرها ونطاردها ونحتقر أصحابها ونذل أربابها، ونتعمد ذلك قولا وعملا…

لذلك ماعلى العبيد والأذيال والخَوَل (الخَدَم) إلا أن يؤيدوا مشروع وزير الثقافة الفرنسي تأييدا مقرونا بالحماس والولاء، ويرسلوا البرقيات والرسائل، ويقيموا التظاهرات والتجمعات من أجل هذا المشروع المقدس وعلى “دوزيم” أن تتكرم علينا بواضحها، بل فاضحها خلال أسبوع لنقل هذه التظاهرات والتجمعات إلى مطلع الفجر، ولابأس أن يكون الديكور يناسب المقام، والرجاء ألا تنسى “دوزيم” أن تحضر المهرجين وهم يلوحون “بالكبابيط” تأكيدا للفاضح السابق!!

وحتى يأخذ ذلك صورة الاخلاص والوفاء فينبغي التراجع عن تعريب ماعربناه في التعليم والإدارة لصالح المشروع الحكومي الفرنسي الحبيب، وأقترح أن يصدر قانون صارم يفرض على المسايد والكتاتيب القرآنية أن تشرع في تعليم القرآن الكريم بالترجمة الفرنسية (حتى في الجبل عندنا) وأن تكون ترجمة مُعتمدة من دهاقنة الاستشراق الفرنسي التابع لوزارة الخارجية وماوراء البحار والمستعمرات وحتى يكون التأييد أكثر إخلاصا أن نفرض على خطباء الجمعة أن يخطبوا باللغة المقدسة وأن يقرأ “الطُّلبة” الحزب في الفجر والمغرب بالفرنسية، وأن نحتفظ فقط بالقراءة على القبور بالعربية! باعتبار أن اللغة العربية لغةَ هيتة جامدة كما قررت ذلك ندوة مرسيليا الأخيرة!!. أما دلائل الخيرات فيمكن إحالة فَرْنَسته للخبراء بفرنسا لحل إشكالية تكرار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلعل الخبراء الفرنسيين والفرنكفونيين يقدمون تكنولوجية ناجعة لحل إشكالية هذه الظاهرة المزعجة للغتنا المقدسة أعني الفرنسية التي عُرفت بالتركيز والدقة والرقة والغنائية والشاعرية!! وان كانت مع الأسف الشديد لم تَعُدْ لغة العلوم والتكنولوجية في هذا العصر، بل أصبحت في هذا المجال لغة التخلُّف والمتخلِّفين، لذلك فنحن نتجاوب معها ونؤيدها ونفرضها على الشعب المغربي المسلم ليظل في الدرك الأسفل من التخلف بالواضح والمرموز… وإلى الله المشتكى

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>