جيرينوفسكي يتحدث عن الإسلام
ضمن برنامجها الناجح (وجها لوجه) قدمت قناة الشرق الأوسط MBC ليلة الثلاثاء (1-2-94) مقابلة مع الروسي (جيرينوفسكي) زعيم الحزب القومي المتطرف. وقد أجرى الحوار الصحفي المرموق سامي عمارة مباشرة من موسكو. كانت نبرة العناء والمكابرة ظاهرة في حديث (جيرينوفسكي) فالكل يريد ويتوق إلى مقابلته، وجميع الروسيين يتطلعون إلى فوزه المحقق في الإنتخابات الرئاسية القادمة.. والكل يقبل يديه… إلخ] ولا نعرف احدا من هذا “الكل”. وحسب علمي المتواضع فقد رفض الرئيس يلتسن مقابلته ونفس الشيء فعله الرئيس بيل كلنتون أثناء زيارته الأخيرة لموسكو! وما يهمنا أكثر من هذا الحوار هو موقف الرجل من العرب والمسلمين بصفة عامة، وهو موقف يتأرجح بين الإشارة والسخرية والازدراء وأشياء أخرى يصعب فهمها خصوصاً والرجل كله غموض وتناقض!!
وهو كما تصفه بعض الصحف : شخص حاقد يتحدث بصراحة غير عادية لدرجة الوقاحة وقلة الذوق وهذا ما يستخلص من مذكراته التي نشرها في أبريل الماضي في كتاب تحت عنوان (The Final march South) (آخر مسيرة نحو الجنوب) تعبيراً عن الأطماع القديمة الجديدة للإمبراطورية الروسية والزحف نحو بلاد الجنوب وهو الحلم الذي يراود (جيرينوفسكي) هذا وملخصه “أن روسيا تستعيد قوتها من جديد وتمتد لتشمل كثير من البلاد الأوروبية وآسيا”(2).
عندما قدم له الصحفي سامي عمارة مطبوعاً باللغة العربية ربما للتوقيع عليه قال (جيرينوفسكي) ساخراً : “إن خطكم العربي لا يُعجبُني، فلماذا لا تستبدلوا حروفكم بالحروف اللاتينية أو الروسية فهي أجمل بكثير!”
أما حديثه عن المسلمين، فيبدأ بمدح القيم الإسلامية السامية والإشارة المفرطة باخلاق المسلمين العالية (فهم لا يزنون ولا يشربون الخمر ولاالسجائر…) حتى ليظن السامع أن الرجل قاب قوسين أو أدنى من اعتناق الإسلام!! فتأخذه نشوة الحديث إلى اصدار فتاوي غريبة (على كل مسلم أينما وجد أن يحج مرة كل سنة مشيا على الأقدام. وعليه أيضا أن يتزوج أربعة نساء، على الفتاة أن ترتدي الحجاب منذ السنة الثالثة عشر. يجب التفريق بين الذكور والإناث في البيت، لا نوافذ تطل على الطريق، لا تلفاز ولا مذياع، لاسيارة ولا طائرة… هذه وسائل شيطانية على المسلم أن يتجنبها. فليحذر المسلمون من الإرتماء في حضارة الغرب فهي مدمرة بالنسبة لهم، عليهم أن يعودوا لدينهم ولقيمهم… عليهم أن يعيشوا في القرن السابع الميلادي؟! هذه ليست حضارتهم إنها حضارة الغرب والغرب شيطان!!).
انه الذم الشبيه بالمدح والاستهزاء بالمسلمين وهو الذي عاش بين ظهرانيهم طفولته كلها بعدما نبذته الأسرة والعشيرة، ويشير إلى ذلك في كتابه السالف الذكر!
وفي ختام حديثة يلقي باللائمة على المسلمين باعتبارهم سببا في كل المشاكل والحروب التي تقع في العالم! وذكر حرب أفغانستان، والعراق ضد إيران وحرب الخليج الثانية وغيرها!. وإن كان هذا استنتاجاً صحيحاً، فقد كان على الصحفي سامي عمارة أن يسأل الرفيق (جيرينوفسكي) عن المتسببين الحقيقيين في هذه الحروب والمصائب!
فمن الذي أشعل فتيل الحرب في أفغانستان وأوجد هناك عملاء يخلقون له مسوغا لدخول البلاد الآمنة فاهلك فيها الحرث والنسل وعاث فيها فساداً!
ألم يكن الدب الروسي وراء ذلك كله وما فعل ما فعل إلا خوفا من انتشار “عدوى” الأصولية الإسلامية إلى الجمهوريات الإسلامية التي ظل يحكمها بالحديد والنار لما يُناهز قرنا من الزمن!!
ثم من الذي أوغر للعراق بضرب واجهاض الدولة الإسلامية الناشئة في ايران! ، ومن الذي شجعه على احتلال الكويت لإيجاد المسوغ المقبول لدخول الخليج والإشراف على المياه الدافئة ومنابع البترول هناك أليس الغرب بزعامة أساطين الإستعمار أمريكا وروسيا وغيرهما؟!… وما زالت مخلفات هذا التدخل قائمة!! وما يقع من تقتيل وحشي للمسلمين في البوسنة والهرسك ألم يقع ذلك بتواطئ مع دول الغرب الحاقد على المسلمين والإسلام!!. فمن…. ومن… والقائمة طويلة!
فإذا كان وراء كل عظيم امرأة، فإن وراء كل مصيبة في هذا العالم أمريكا أو روسيا وكل من لف لفهم من العملاء في دول العالم الثالث..
في زيارته الأخيرة ليوغسلافيا السابقة، اتصل (جيرينوفسكي) بقادة السفاحين الغرب وهذا يعني بالواضح مؤازرتهم وتشجيعهم على تقتيل وتشريد المزيد من مسلمي البوسنة والهرسك، ولما أصدرت دول الحلف الأطلسي تهديدها الخجول بقصف مواقع الصرب،ردَّ (جيري نوفسكي) بكل تحدٍّ وعجرفة بأن قصف مواقع الصرب يعني قيام حرب عالمية ثالثة!!
عندها لاح الصباح وخرست أفواه الغرب عن الكلام المباح وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين!
(1) برنامج (وجها لوجه) لقناة الشرق الأوسط MBC يوم الثلاثاء ـ(2-1-94) : الساعة العاشرة والنصف .
(2) جريدة (Saudi Gazette) عدد : الخميس 16 دجنبر 1993