يبدو -والله أعلم- أن جل وسائل الإعلام في بلادنا العربية والإسلامية قد انخرطت بجدية و حزم في ما أسمته (كونداليسا رايس )منذ سنوات بالفوضى الخلاقة. فمنذ بدايات ما عرف ب”الربيع العربي” وهذه الوسائل تشحذ سيوفها وتعد جيوشها وتراجع خططها الإعلامية طويلة النفس واللسان أيضا لبدء معركة استئصال حقيقية ضد الوافد الجديد الذي نال ثقة الشعوب العربية والإسلامية من خلال أكثر الانتخابات شفافية وحيادية في تاريخ الأمة منذ مآت السنين.
ولعل من أبرز وأهم الأسلحة التي يستخدمها الإعلام المغرض في هذه المرحلة سلاح الكذب و التدليس بناء على مقولة وزير الدعاية الحربي على عهد النازية (جوزيف غوبلز) : “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”. إلا أن جهابذة الإعلام عندنا أضافوا إلى المقولة جملة أخرى فقالوا “حتى تصدق نفسك” كما حدث لأشعب الطماع مع الأطفال التي درسناها جميعا في كتب التلاوة أيام كان الكذب معرة ونذالة وقلة أدب ومدعاة للتندر والسخرية قبل أن يصبح أسلوب عمل وفهلوة لدى العديد من وسائل الإعلام التي ابتلانا الله بها في وطننا العربي هذه الأيام.
أما ثاني هذه الأسلحة فهو سلاح التيئيس ونشر الإحباط والهزيمة النفسية بين الناس مما يزيد من تأزيم الأوضاع وانتشار الفوضى والبلطجة وكل ما يخطر على بالك أو لا يخطر، كإشاعة أخبار كاذبة عن انخفاض قيمة العملات المحلية وخلو الأبناك من العملة الصعبة أو عجز الحكومة عن سداد أجور الموظفين أو عن أزمة ندرة المواد الأساسية و المحروقات أو الإفلاس التام في جميع قطاعات البلاد وهلم كذبا.
آخر هذه الإشاعات، ما يروج له الإعلام المغرض في مصر هذه الأيام من أن سد النهضة المزمع إنشاؤه في أثيوبيا على نهر النيل الأزرق سوف يؤدي إلى قتل الشعب المصري عطشا وفي حالة انهياره سيغرق نفس هذا الشعب الذي مات عطشا بكامله …مع أن خبراء الميدان ينفون ذلك جملة وتفصيلا ويثبتون بالأرقام والدراسات عكس ذلك تماما.
أما السلاح الثالث في هذه الحروب القذرة فهو سلاح التحريض على رأس الدولة والحكومات ذات التوجه الإسلامي التي اختارتها الشعوب بعدما يئست من غيرهم كما يئس الكفار من أصحاب القبور. وأفظع نموذج شاهدته في هذا الإطار، حوار يجريه أحد المذيعين المغرضين مع أب أحد الجنود المختطفين في صحراء سيناء قبل تحريرهم دون أن تراق قطرة دم واحدة.
المذيع : شفت ابنك وهو مختطف؟
الأب : نعم يا بيه….
المذيع :ما رأيك في الرايس مرسي؟؟؟؟؟
الأب :هو المسؤول.
المذيع :لو ابنك استشهد، حتاخذ بثارو؟
الأب : نعم يا بيه …
المذيع:من مين؟
الأب :من الرايس مرسي يا بيه.
المذيع :(متعجبا) بصفته؟؟؟؟
علما بأن عملية اختطاف الجنود سبقتها ورافقتها حروب أعصاب وتخوين رهيبة، فكل القنوات إياها وبرامج “الطوك شو” كانت طيلة تلك الأيام تنحو باللاّئمة على الرئيس وتحمله وحده مسؤولية أرواح الجنود المختطفين. ولكن لما تم تحريرهم بتلك الطريقة الرائعة التي لم تحدث في تاريخ تحرير الرهائن لم يوجهوا كلمة شكر واحدة للرجل الذي حملوه مسؤولية إنقاذهم من قبل. بل إن أحدهم أعلن صراحة أنه لن يشكر الرئيس لأنه لم تكن له يد فيما حدث؟؟؟ أرأيتم صفاقة وقلة أدب مثل هاته ؟؟؟