س : ماذا تعرف عن كوفي عنان؟
ج : نوع من المشروبات الغازية
س : ماهي دول محور الشر؟
ج : ألمانيا -كاليفورنيا -القدس -نيويورك
س : أين توجد كل من فرنسا وكوريا وإيران؟
ج : في استراليا بطبيعة الحال
هذه ليست مُزحة بل أجوبة حقيقية عن أسئلة بسيطة تطرح على بعض الأمريكان من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية ضمن برامج ترفيهية،. ونظراً لبلادتها تتخذ هذه الأجوبة موضوعا للتفكه والتنذُّر، بل وقد خصصت لها مواقع على شبكة الأنترنيت خاصة موقع Youtube المشهور، هذه الأجوبة وغيرها مما هو أبلد منها تدل على مستوى التسطيح المعرفي لدى فئة من الشعب الأمريكي المُتحضر دون غيره من العالمين، فقسم كبير من هذا الشعب لا يكاد يعرف شيئا خارج نطاق الحدود الضيقة التي يعيش فيها؛ فالذي يسكن في نيويورك أو في أحد أحيائها الراقية قد لا يعرف شيئا عن حي هارلم البئيس وهو في نفس المدينة التي يسكن فيها، بل إن بعضهم من يصنف “فلوريدا” و”نيبراسكا” في خانة الدول المارقة؟!
ورحم الله زمانا كنا ملزمين بدراسة ومعرفة جميع خرائِط العالم بعدد سكانها وبهائمها ومعادنها ومناخاتها قبل اجتياز امتحانات الباكالوريا، حتى أن أحد أساتذتنا المشارقة كان يتعجب من كثافة المقررات فكان يقول لنا (والله يا شباب سنة في الجولان ولا باكالوريا في المغرب).
إذا عرفنا هذا، فلا ينبغي أن نفاجأ كيف أن هذا الشعب يصوت مرتين متتابعتين لرئيس هو ربما مثلهم لا يعرف على أية قارة تقع العراق قبل غزوها، ولعل ذلك هو السبب الذي جعله في بداية الأمر يعتقد بأن شعب هذه الدولة سوف يستقبل جنوده بالأحضان والورود والقبلات.
وعندما نعلم كل هذا، ربما نشعرَ نحن “المتخلفين” في العالم الثالث بشيء من الشفقة والرأفة على أنفسنا ونحن نخلدها كل عام مرة أو مرتين، ونشعر بالدونية وغير قليل من “الحگرة” أمام الآخر من شعوب العالم المتحضر، حتى أن البعض منا يكاد أن يعتذر لهم عن وجوده معهم فوق هذه الأرض وهو دونهم في كل شيء… ويعيش عالة عليهم في كل شيء تقريبا…
وهذا هو حال شبابنا الذي أصبح يركب الأمواج ويعرض نفسه لقمة صائغة للحيتان عله يصل إلى “جنة” هذا الاخر، التي يوهمنوننا بها صباح مساء من خلال الإعلام والكتاب المدرسي والأفلام والمهرجانات، ومن خلال الملبس والمأكل وربما حتى الهواء.. باختصار من خلال كل ما يحيط بنا… وقد أصبح لهذا الآخر في بلداننا وكلاء وطوابير خامسة وحتى عاشرة من أبناء جلدتنا من الفنانين والمخرجين والإعلاميين لا يتركون شاردة ولا واردة إلا واهتبلوها فرصة لتمرير الملح على الجرح النازف، وتذكير أبنائنا وشبابنا بالدونية والتخلف مبرزين تفوق الآخر وحضارته وثقافته ولغته وذوقه وكل شيء فيه، كل ذلك من خلال أعمالهم وإنتاجاتهم البئيسة التي تسمّى تجاوزاً فنا وسينما ومسرحاً وهلم تفاهة، ومواقفُهم وإنتاجاتهم تلك تغري الآخر لامتهاننا أكثر واحتقارنا أكثر؛ ولعل أجل صور هذا الإذلال والامتهان هو هذا الإصرار الغريب على إهانة رسولنا الكريم من خلال إعادة الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية والتي سبق وأن نشروها في السنة الماضية، ولما لم يجدوا مواقف حازمة من قبل مؤسساتنا الرسمية، ولما وجدوا سنداً من بعض ما يسمى من فنانينا وأصحاب الرأي عندنا تمادوا في غيهم ولم لا (فما كانت الحسناء لتضع خمارها لو أن بالجموع رجال).
صورة أخرى لهذا الإذلال إعلان جمعية سويسرية للشواذ والمثليين لزيارة مدينة مراكش لإحياء ذكرى أحد الأعياد المسيحية والدعوة التي أطلقها هؤلاء موجهة لجميع شواذ أوروبا وأمريكا واللائحة مفتوحة على شبكة الأنترنيت لمن أراد أن يشارك؟!
فرحم الله يوسف بن تاشفين فلو كان يعلم أن المدينة التي أسسها ستؤول إلى هذا المسخ ما كان فكر في بنائها أصلا!!
ومن مظاهر الإذلال أيضا ما قام به المخرج الأمريكي (ريدلي سكوت) منذ شهور وهو يصور فيلمه الأخير بكل من الرباط وسلا؛ فقد حرص الرجل على إبراز جميع مظاهر البؤس والحرمان في بلادنا؛ أطفال حفاة ونصف عراة يتراشقون بالطماطم الفاسدة وسط مشهد سريالي غريب من تصاعد الغبار والكلاب الضالة وقد ظهر عظامها من ظهورها من الجوع، يقع كل ذلك في زنقة فضل المخرج تسميتها (بشارع الحمير) إمعانا في إذلال سكان المدنية.
وفي مشهد آخر يجمع فيه المخرج لفيفاً من ذوي اللحى الطويلة و”دنانير” الصلاة على الجباه ليمثلوا دور إرهابيين يقوم البطل (دى كابرييو) للبحث عليهم في أحراش أفغانستان يقوم هؤلاء بأداء صلاة الجماعة في قاعة من قاعات فندق حسان مقابل 250 درهما “للدينار” (عفوا للفرد).
وقد طبل بعض الإعلام عندنا كثيراً لهذه الخطوة التي فازت بها بلادنا دون بلاد العالمين، وأشعرونا بالنشوة والافتخار لكون المخرج الأمريكي رضي أن يصور فيلمه الأخير في بلادنا ببطل عالمي من حجم (دي كابريوو)، والذي تسابق العديد من الشخصيات عندنا ومنهم وزراء لأخذ صور تذكارية معه، فرفض فولى هؤلاء وأولئك على أدبارهم غاضبين…
تلك هي صورتنا عندهم وهي نفس الصورة التي يسوقونها عنا في جميع المحافل وأينما حلّوا وارتحلوا، ونتساءل بعد ذلك عن سر بؤسنا وسقوطنا في أعين الناس؟!
والواقع أن هؤلاء ما كانوا ليجرؤوا على احتقارنا وإهانتنا بهذا الشكل لو لم يجدوا طوابير من المبدعين والفنانين والكتاب عندنا يمدونهم بيد المساعدة ويعملون على نقل تلك الصور المذلة لنا في أعمالهم وكتابات بعضهم المقرفة لحد الغثيان. ولا يقومون بذلك لله في الله وإنما يأخذون جوائز من أسيادهم وحوافز أدبية عالمية قد لا يأخذها حتى المبدعون في بلاد الغرب.. فمن جوائز نوبل إلى جوائز گونكور إضافة إلى استقبالات من طرف رؤساء ونياشين تعلق والقوم في بحبوحة من أمرهم، وقد أدوا ما عليهم، وصدموا الأمة فيهم وأهانوا شعوبهم بعدما أهانوا أنفسهم ابتداءًا أمام أسيادهم الذين لا يكنون لهم -قطعا- أي احترام ولا مودة.