الدكتورة جميلة زيان
الصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه أجمعين،
في الحقيقة نُودي عليّ البارحة، وكنتُ في شغل شاغل، ولكن لمَّا علمت أن الحفل، حفل الفقيد، فقيد القرآن الكريم، أصررتُ أن آتي، لا لأقدّم شهادة ولكن لأستمع إلى الشهادات، ولما نُودي علي الآن خفق قلبي خفقات، وخنقتني العَبرات، لأني في الواقع كنت أعتبر الفقيد رحمة الله عليه أباً…. وقدّم لي كثيرا من دلائل …. القدوة، كان هو وأبي رحمة الله عليه صنوان، أخوان لا يفترقنا، وكانت زوجته حفظها الله وأبقاها لأبنائها ولنا، كانت لي أمّاً، كنت آوي إلى حضنها عندما يضيق بي العيش وأتعب من شدة التّحصيل ومن تعب الدّرس، رحمة الله عليه، الله نسأل أن يجزيه عنّا وعن كل من نهل من علمه الجزاء الأوفى، أذكر فيما أذكر كنت في بيته في أحد أيام الحرّ القائض، وكانت لديه روح الدعابة، وأنا أعرف أن كثيرا من النساء هنا شكون إليه همومهن وكان هو يُسرّي عليهن، وكان يقدم حلولا لمشاكلهن، وكنت واحدة من هؤلاء، قال لي: لم أنت هكذا يا جميلة؟ يعني لم أنت تتصببين عرقاً وأنت ليس عليك لحم كثير؟ قلت له طيب، أنا اشتد بي الحرّ، قال لي: عجباً، وكنتُ نحيفة جدا، وبدأ يلاطفني ويمازحني، فكان أيضاً يشدّ من أزري كلما ضعفت همتي عن مواصلة الدّرب، حقّا لا أستطيع أن أذكره إلا بالذكر الطيب، وكان تعييني حين عُينت ببشارة منه، حين أُهلت لتدريس القرآن الكريم في الجامعة، كان هو الذي حمل البشارة إلي، ولن أنسى تلك اللحظة أبداً ما حييت، لو ظللت أتحدث عن سيدي المفضل الفلواتي رحمة الله عليه ما وسعتني هذه الدقائق ولا كفتني هذه الحقائق التي أنطق بها أمامكم الآن، رحم الله تعالى الفقيد، وأجزل الله له الجزاء الأوفى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.