بسرعة مبرمجة تبدت ـ بعيْد أحداث 11 سبتمبر 2001 ـ ظاهرة إعلامية ثقافية سياسية: واسعة المدى، متتابعة الدق والايقاع وهي ظاهرة (الاستهزاء) ـ الى درجة القهقهة ـ!! بمقولة أو نظرية (المؤامرة)، وهو استهزاء يترجم مثلا سائرا ومعروفا وهو (يكاد المريب يقول خذوني)، ويمكن صياغة المثل في قالب فني جديد هو: ان هؤلاء المستهزئين بفكرة (المؤامرة) قد تواطأوا على التواصي بما يلي: (أيها الناس على هذا الكوكب: كفوا عن ذكر كلمة (مؤامرة)، وكفوا ـ بوجه خاص ـ عن ربطها بأحداث 11 سبتمبر، فإن هذا الذكر والربط يشيران بأصابع الاتهام الى (فاعلين مستترين)، استخدموا شبابا معينين ـ من جنسيات وديانة معروفة ـ كأدوات جاهلة أو غبية ـ في تنفيذ حدث أكبر منهم: أكبر من عقولهم، وقدراتهم على التخطيط، وأكبر من رؤيتهم البائسة في نتائجه وآثاره.. ونحن الفاعلين الحقيقيين لا نريد هذه الإشارات الاتهامية إلينا لأنها تملأ الناس ريبة فينا. وهذا أمر بالغ الخطورة والخسارة والفضيحة).. هذه هي الظاهرة التي أعقبت ـ مباشرة ـ أحداث 11 سبتمبر. وهذا هو لسان حال سادتها وقادتها، ولسان حال (كمبارسهم). بيد أن هذه الظاهرة ذاتها (جزء) من المؤامرة: المراد نفيها من خلال الاستهزاء (الكوميدي) بها، بمعنى إطلاق طبقات من الدخان الكثيف الداكن الذي يغطي (المؤامرة الكبرى) في التاريخ السياسي الحديث: كما يقول عدد من المفكرين والباحثين.
وإذا كان ليس هناك أحد يملك البراهين الكافية التي تثبت ـ أو تنفي ـ هذه المؤامرة، فإن القضية ينبغي أن تخضع ـ من ثم ـ للحوار والمناقشة: بمقتضى (الليبرالية الفكرية).. وموجب (التوثيق المعلوماتي).. وبمنطق (حقوق الناس) ـ في عالمنا هذا ـ في الحصول على المعلومة الصحيحة تجاه حدث ضخم جدا أثر بعمق في حياة الأمريكيين، وحياة مسلمي العالم، كما أثر في السلم والأمن الدوليين، ولا يزال يؤثر.. نعم، ينبغي أن تجرى مناقشات حرة وشجاعة حول مختلف الروايات عن هذا الحدث: مناقشات لا يجوز لأحد ـ قط ـ أن يلجمها أو يحتجزها عند سقف معين، أو يكبت الممارسين لها كبتا يستحق أن يوصف بأنه (مؤامرة إرهاب من يقول بالمؤامرة)!!.
وهذا المقال: اسهام فيما ينبغي أن يكون، اسهام فيما تتطلبه الليبرالية الفكرية، وما يتطلبه حق البشرية في معرفة ما جرى ـ بالضبط ـ، وما يتطلبه التوثيق المعلوماتي.
ولنبدأ بـ (التوثيق المعلوماتي).
إن التصديق برواية المحافظين الجدد عن حدث 11 سبتمبر: مبني على (الثقة) بهؤلاء الناس، وبالقصة التي حكوها وعجنوها في معلومات معينة.
فهل هذه الثقة في محلها؟
1 ـ من أحدث الكتب التي ظهرت في مجال مناقشة (الرواية الرسمية) عن ذلك الحدث النحس كتاب بعنوان (الحادي عشر من سبتمبر والامبراطورية الامريكية).. ولقد أسهم في وضع مادة هذا الكتاب مجموعة من الباحثين والمفكرين والأكاديميين الأمريكيين الذين اتفقوا >!!!!!< على زيف الرواية الرسمية عن حدث 11 سبتمبر.. لنستمع إلى مؤلفي الكتاب ـ ديفيد جريفين وبيتر سكوت ـ وهما يقولان:>إن باحثين لا ينتمون الى التيار السائد توصلوا الى أدلة تفند الرواية الرسمية بشأن المسؤول النهائي عن تلك الهجمات<.. ولنستمع الى مورجان رينولدز (أستاذ بجامعة تكساس والعضو السابق في إدارة جورج بوش)، لنستمع إليه وهو يقول: >إن أحداث 11 سبتمبر كانت عملية زائفة وأكذوبة كبيرة لها علاقة بمشروع ـ الادارة الامريكية للهيمنة على العالم<.. ولنستمع الى استاذ القانون ورئيس مؤسسة سلام العصر النووي: ريتشارد فوولك وهو يقول: >إن إدارة بوش يحتمل أن تكون: إما أنها سمحت بحدوث هجمات سبتمبر واما أنها تآمرت لتنفيذها لتسهيل مشروعها المسبق.. ومما يثير مزيدا من الريبة في كل شيء: ان هناك خوفا شديدا من مناقشة حقيقة ما حدث ذلك اليوم حتى لا تكتشف أسرار سوداء وقبيحة<.. ولنستمع إلى الأكاديمية كارين كوباتكوفسكي التي عملت من قبل ضابطة بالجيش الأمريكي لمدة عشرين عاما حتى عام 2003 لنستمع اليها وهي تقول: >كنت حاضرة يوم 11 سبتمبر عام 2001 في وزارة الدفاع، وان لجنة 11 سبتمبر لم يكن بين أعضائها أي شخص قادر على تقييم الأدلة من الناحية العملية الفنية، وإني لم أر حطام الطائرة التي قيل انها ضربت مقر وزارة الدفاع، ولا آثار الدمار الذي يتوقع أن يحدثه هجوم جوي<.. ولنستمع الى ستيفن جونز أستاذ الفيزياء بجامعة بريجهام وهو يقول: >ان طبيعة انهيار البرجين التوأمين والمبنى رقم 7 بمركز التجارة العالمي لا تفسرها الرواية الرسمية. فالطائرة لم تسقط البنايات والتفسير الأقرب للمنطق العلمي: ان تدمير تلك البنايات كان من خلال عملية هدم بالتفجير المبرمج وقد تمت العملية باستخدام متفجرات مزروعة سلفا<.. ولنستمع الى ديفيد جريفين وهو يقول: >ان سلوك الجيش الامريكي يوم 11 سبتمبر كان يشير الى تورط قادتنا العسكريين في الهجمات، وانهيار برجي مركز التجارة والبناية رقم 7 كان مثالا على عملية هدم بالتفجير المتحكم فيه حيث زرعت المتفجرات بتخطيط مسبق في جميع أرجاء المبنى<.
2 ـ ان الشك العاصف المتزايد في رواية غلاة المحافظين الجدد عن الحدث: حفز قطاعات ونخبا امريكية إلى (البحث العلمي الجماعي) عن حقيقة ما جرى في 11 سبتمبر.. ومن هذه الجهود العلمية الجماعية: تأسيس منظمة يديرها خمسون أكاديميا ومفكرا أمريكيا منهم خبراء عسكريون سابقون وقد حملت هذه المؤسسة اسم (حركة البحث عن الحقيقة بشأن الحادي عشر من سبتمبر).
3 ـ في شهادة أمام الكونجرس قالت كونداليزا رايس (مستشارة الأمن القومي الأمريكي يومئذ). قالت: >إن الرئيس جورج بوش تلقى قبل شهر >!!< من 11 سبتمبر مذكرة استخباراتية تصف أهداف بن لادن ومصلحته في شن هجوم على الولايات المتحدة يتضمن اختطاف طائرات واستعمالها في الهجوم وكان عنوان المذكرة (تصميم بن لادن على شن هجوم داخل الولايات المتحدة، ولكن المذكرة تفتقر إلى تحديد موعد ومكان وكيفية >!!< وقوع مثل هذا الهجوم، وأنا لم أتخيل على الاطلاق ارتطام طائرات بمبان<!!
4 ـ ريتشارد كلارك المختص الأول في مكافحة الارهاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي قال بوضوح: >إن الادارة تجاهلت >!!< التهديد الذي كان يمثله تنظيم القاعدة قبيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، على الرغم من علمها بهذه التهديدات. وكنت انا وجورج تينت مدير الاستخبارات نشعر بالأسى دائما لأن تنظيم القاعدة وتهديداتها لا يعالجان بالجدية اللازمة من جانب الادارة، وانه حتى بعد هجوم سبتمبر واختفاء بن لادن في افغانستان أرادوا ضرب العراق مباشرة، على الرغم من عدم وجود أي علاقة بين العراق والهجمات<.
5 ـ مايكل ميتشر: عضو مجلس العموم البريطاني ووزير البيئة من عام 1997 إلى عام 2003، نشر بتاريخ 6/9/2003، هذه الحقائق والوقائع والمعلومات المذهلة تحت عنوان (اسطورة الحرب الزائفة على الارهاب).. ومما قاله ميتشر: >من المعروف أن إحدى عشرة دولة على الأقل قدمت معلومات وتحذيرات متعلقة بما حدث في 11 سبتمبر، ومن ذلك معلومات تحذيرية تقول: ان هناك خلية مكونة من مئتي ارهابي تحضر لعملية كبيرة في الولايات المتحدة، وقد تضمنت قائمة الاسماء أربعة من اسماء خاطفي الطائرات ومفجريها، وعلى الرغم من ذلك لم يقبض على أي منهم >!!< وهناك وقائع تبعث على الريبة، فقد اشتبه في الاختطاف الأول الذي جرى في الثامنة وعشرين دقيقة، بينما تحطمت الطائرة الاخيرة في بنسلفانيا في العاشرة وست دقائق، وضربت الطائرة الثالثة البنتاجون في التاسعة و38 دقيقة، ومع ذلك لم ترسل أي طائرة مقاتلة للاستقصاء >!!< مع العلم بأن هناك اجراءات اعتراضية قياسية تنص عليها انظمة إدارة الملاحة الفدرالية في التعامل مع الطائرات المختطفة قبل 11 سبتمبر. ولقد أطلق الجيش الامريكي طائرات مقاتلة في 67 واقعة في الفترة ما بين سبتمبر 2000 ويونيو 2001 لملاحقة الطائرات المشبوهة، فهل هذا التراخي نتيجة لتغافل؟! أو لجهل المسؤولين بالادلة، أو ان اجراءات أمن الطيران الأمريكي قد عطلت >!!< عمدا في 11 سبتمبر، والسؤال هو: لماذا وتحت امرة مَن حدث هذا<؟!.. ان هذه المعلومات المتعددة المصادر تؤكد على بطلان الرواية الرسمية للحدث، وان جهات عليا كانت على (علم) ما بالحدث، وانه قد جرى (تعطيل) الاجراءات المتبعة في مثل هذه الواقعة. وهذا كله (قرائن) ـ على الأقل ـ على وجود المؤامرة.. أوليس من صميم المؤامرة: نفيها بإطلاق، وارهاب من يتحدث عنها. سواء سميت (مؤامرة) أو (حساب خاطئ) أو (مكر خفي غبي) أو (تدبير خبيث في الظلام) أو (استراتيجية الهيمنة في القرن الحادي والعشرين المدشنة بزلزال مثير<؟!
ذ. زين العابدين الركابي
> الشرق الأوسط ع 2008/9/13