وقد جمع بين هذه الروايات بأن حديث الخمس والعشرين ذكر فيه الفضل الذي بين صلاة المنفرد والصلاة في جماعة والفضل خمس وعشرون وحديث السبع والعشرين ذكر فيه صلاته منفردا وصلاته في الجماعة والفضل بينهما، فصار المجموع سبعا وعشرين وقال الإمام النووي رحمه الله : والجمع بينها من ثلاثة أوجه :
أحدهما: أنه لا منافاة بينها فذكر القليل لا ينفي الكثير.
والثاني: أن يكون قد أخبر أولا بالقليل ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها.
والثالث: أنه يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة، فيكون لبعضهم خمس وعشرون ولبعضهم سبع وعشرون بحسب كمال الصلاة. وقيل: وأما التفاوت فهذا والله أعلم كان لعدم نزول فضل الزائد إلا بعد الناقص فأخبر بخمس وعشرين ثم أخبر بسبع وعشرين. الله أعلم.
وقد استدل القائلون بأن صلاة الجماعة غير واجبة بهذه الأحاديث وأن صيغة أفضل تدل على الاشتراك في أصل الفضل، ولكن الصواب أن هذه الأحاديث تدل على فضل الجماعة وهذا التفضيل لا يلزم منه عدم الوجوب، فصلاة الجماعة واجبة ومفضلة فلا منافاة بين التفضيل والوجوب ومن لم يصلها مع جماعة فصلاته صحيحة على الراجح مع الإثم..
>ل _ الصلاة في الجماعة تعصم العبد من الشيطان :
فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام احمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: >إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ<(أحمد).. ومعنى ذئب الغنم أن الشيطان مفسد للإنسان بإغوائه كإفساد الذئب إذا أطلق في قطيع من الغنم..
>م _ زيادة فضل الجماعة بزيادة عدد المصلين:
فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : >إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل<.
>ن _ براءتان لمن صلى أربعين يوما يدرك التكبيرة الأولى:
فقد قال معلم البشرية صلى الله عليه وسلم: >مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ<.. فما أعظم هذه البشارة !!
>ي _ فضل صلاة العشاء والفجر والعصر في جماعة :
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله< والمراد بقوله : أي ومن صلى الصبح في جماعة بعدما صلى العشاء في جماعة فكأنما صلى الليل كله..
وقال صلى الله عليه وسلم : >من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله؛ فمن أخفر ذمة الله كبه الله في النار لوجهه<.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : >مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ<(حديث حسن).
وكذلك إن أداءها في وقتها مع الجماعة من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : >مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ<(البردين الفجر والعصر).
وقال : >لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها< يعني الفجر والعصر..
ومن الفوائد والفضائل العامة: أنها رز لوحدة المسلمين وجمع قلوبهم واتحاد صفوفهم فالرب واحد والنبي واحد والقبلة واحدة والهدف واحد وهو طلب رضا الله وجنته والسلامة من عذابه وسخطه..
كما يحصل التواد والتعارف وذلك لأن الناس إذا صلى بعضهم مع بعض حصل التعارف ومنها التواد بينهم والتحاب.
كما أنه فيها إظهار لشعيرة من أعظم شعائر الإسلام لأن الناس لو صلوا كلهم في بيوتهم ما عرف أن هنالك صلاة..