إن كنت أنسى فلا أنسى ما رسمه الرسام الكاريكاتوري المغربي “الصبان” حينما استخرج -في أيام خلت- من كلمة “الديموقراطية” دلالات عديدة انطلاقا من الأحرف المكونة للفظة، فكَان من هذه الدلالات : ((ديموقراطية الدم)) وديموقراطية “القرطة” بالمفهوم الدارج للكلمة، وديموقراطية السحق بالأقدام حينما جعل حرف الراء في صورة حذاء عسكري مملوء بالمسامير، إلى آخر ما استخرجه من هذه الكلمة، التي حملت في العالم الحديث مدلولات وتأويلات لم تحملها أي كلمة في تاريخ اللغة عند جميع البشر.
ولعل ما استخرجه الرسام المذكور من هذه الكلمة ينطبق كثيراً على واقع الديموقراطية المزعومة في العراق، حيث أراد الاحتلال أن يثبت بلغة الديموقراطية -حسب مفهومه- أنه جاء بديموقراطية فعلية -حسب مفهومه أيضا- إلى العراق، وذلك بعد سنوات البطش والقهر والظلم والاستبداد -ودائما حسب نفس المفهوم طبعا- التي قضاها العراقيون المساكين تحت حكم حزب البعث.
والحقيقة أنه لا يمكن لأي إنسان عاقل وبتتبع واقع الشعب العراقي إلا أن يصفق بحرارة، على واقع الشعب العراقي الذي انتقل من حال إلى أحوال بفضل دبابات الديموقراطية وطائراتها التي أمّنت للشعب العراقي كل ما يحتاجه شعب حالم بالديموقراطية هذه صور منها :
- طائفية مقيتة زعزعت أركان بنيان الشعب العراقي من كل الجهات، وقهرت أبناء السُّنة وأذلتهم من جميع الجوانب.
- تدمير للمساجد وللعديد من دور العبادة.
- فصل الرؤوس عن الأجسام في بغداد وغير بغداد.
- قتل وتشريد للملايين من أبناء الشعب العراقي.
- ظلام دامس لايبدو فيه أي نور في الأفق.
-قلة المحروقات بل وانعدامها أحيانا، في بلد يعتبر مصدراً للنفط.
- قلة ماء الشرب أو انعدامه في بلد يعرف تاريخيا ببلاد “ما بين النهرين”.
- هروب الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات.
- سرقة الآثار التي تعبر عن تاريخ هذا الشعب.
- تدمير للعمران والبيئة.
واللائحة طويلة.
هذه بعض وجوه الديموقراطية التي يراد لنا أن نقتدي بها ونأتسي وتكون نموذجا مثاليا في أوطاننا العربية والإسلامية حتى نتمكن من أن نسير في ركب التقدم والحداثة، وقبل ذلك وبعده في درب الديموقراطية النموذجية التي لا ديموقراطية بعدها، وصدق رسول الله حينما قال : ((إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)).