يهدف هذا العمود الجديد إلى متابعة قضايا الوطن وهمومه والوقوف على الخلل الدائم الذي يكبله ويعوق حقيقة تخلقه.. وطناً جسداً واحداً لكل المغاربة متساوين، موحدين، واعين بمرجعيتنا ومشروع مجتمعنا وسبل üü.
… هو وطن يستبيحه قادته وساسته عندما يختارون السير به بعيداً عن مرجعيته الأصيلة وعدالته الاجتماعية وتضامن أفراده.
… هو وطن تستبيحه نخبته عندما تختار استغلاله اقتصاديا واحتلال مناصبه ومؤسساته وملء واجهاته، والاغتراب في تخصصاتها وأعمالها بعيداً عن هموم وتطلعات المجتمع.
… وطن يستبيحه شعبه عندما يرتضي لنفسه دور المتفرج المستهلك قابلاً للاغتراب مستضعفاً من الآخر أو مستضعفاً لنفسه.
… وطن يستبيحه الأجنبي عندما يتدخل في شؤون هذا الشعب ويخلط أوراقه ويسحب منه سيادته وإرادته ومشروعه الحقيقي.
… وطن يستبيحه الأخ عندما يخضع لخوض التجزئة ومشروع التقسيم فيعادي المسلم القطري أخاه المسلم الآخر ويضخم عيوبه ويحرمه مساعداته.
إن استباحة الوطن أمر مرفوض وقصدٌ مردود. وحري بإعلام بانٍ ومسؤول أن يقف على هذا الثغر فينبه إلى هذه الاستباحة ويذكر بها ويساهم في صناعة القلق السوي والوعي المتحرر لدى أبناء الوطن. والرفض والاحتجاج والممانعة سلوك يتقوى ويُحْرَص عليه في مسألة خطيرة بمستوى المسألة التعليمية لما لها من أهمية في صياغة الإنسان والجسد الموحد والمشروع الشامل والهادف.
إن استباحة حمى التعليم تظهر في النظرة الاقتصادية المحضة التي أصبحت تتحكم فيه مع إبعاده عن دوره التربوي الشمولي الذي يجب أن تشترك فيه باقي المؤسسات، واستباحته تتمثل -كذلك- في قصفه بالانحراف التربوي للمؤسسة الاعلامية والثقافية. واستباحته، أيضاً، ممارستُه بعقلية فردية مزاجية بعيداً عن أهل الاختصاص والفلسفة التربوية المرجعية وأولوياتها الضرورية.
لا يمكننا أن ندعي الوطنية والحرص على خدمة المصلحة العامة ونحن نكتفي بالخطابات الاستهلاكية والتعليمات الفوقية والإحصائيات المضللة بعيداً عن التوازنات الحقيقية المتعلقة بفكرة التعليم ورجل التعليم ورسالة التعليم. فالتعليم ليس في حاجة إلى عشرية، والمدرسة ليست في حاجة إلى عيد. ومن استباح وطنه وتعليم وطنه استباح كرامته وكرامة أهله.
< مصطفى مدني
-إطار في التخطيط التربوي -وجدة