تأتي هذه الأسطر انتقادا لواقع يعيشه الطفل المغربي جراء إفراطه السلبي في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بالكشف عن بعض سلبيات هذا الأمر، وبهذا فهي موجهة أساسا إلى أولياء أمور هؤلاء لعلهم يتعظون قبل فوات الأوان.
إنه مما لا شك أن العالم اليوم عرف تطورا خياليا في ميدان التواصل بفضل ما أنتجته التكنولوجيا الحديثة من وسائل في هذا الميدان، مما جعل العالم قرية صغيرة، والمغرب ليس ببعيد عن هذا التطور، فقد انتشرت الهواتف الذكية في المغرب بشكل غريب وصلت إلى قمم الجبال، وأصبحت في أيادي المثقف والعامي والصغير والكبير.
ورغم ما توفره هذه الوسائل من إيجابيات فإن في هذا المقام سنتحدث عن الجانب السلبي على أمل أن نتطرق إلى الجانب الإيجابي في فرص قادمة.
يعد ضياع الوقت بشكل مهول من أبرز هذه السلبيات، فسحر هذه المواقع يجعل الأبناء يسبحون في عالم يجعلهم لا يشعرون بقيمة الوقت الذي يهدرونه، وحتى إن استشعروا بهذا فلا يستطيعون الانفلات من هذا السحر الإلكتروني، ولذلك تراهم يسهرون إلى وقت متأخر من الليل، فيعجزون عن الاستيقاظ، وحتى إن استيقظوا نراهم كسالى يجرون أذيال الخمول، وهكذا يلتحقون بالمدارس وهم في هذه الحالة، فلا هم جاهزون لتلقي الدرس، ولا هم قادرون على استيعابه. وإضاعة الوقت هذا يصرف همهم إذ هم خرجوا من المدراس إلى سفاسف الأمور، فتجدهم يضيعون الواجبات ويستهينون بها، فلا حديث بينهم إلا عن هذه السفاسف، فتتبدل لديهم المعايير، ولم يعد واضحا في أذهانهم أن معيار الأخلاق هو أساس التفاضل بين الناس، بل أضحى نسج العلاقات المختلفة مع أشخاص مختلفين هو المعيار، وربما أدى بهم هذا إلى إنشاء علاقات حميمة في الواقع الحقيقي رغم صغر سنهم وحداثة أسنانهم، وهذا أمر مشاهد، وما أبواب الثانويات عنا ببعيد.
ومن سلبياتها أيضا الانفتاح على مواقع عالمية للتواصل تجرهم إلى ربط علاقات مع أشخاص غرباء يحملون من الثقافة الهدامة ما يجعل أبناءنا في مرمى نيران ثقافة هؤلاء، وإذا استحضرنا ضعف المناعة لهم فسنقف على الأثر الحقيقي لتأثير هؤلاء الغرباء، فلا عجب إذن أن ظهر من بين أبنائنا من يعتنق النصرانية، وفي المستقبل نجدهم يعتنقون ما الله به عليم.
إن ضغط هذه الموقع لو صادف قلة اليد لديهم فهو أمر يدفعهم إلى البحث عن مصادر مالية لتلبية رغباتهم السابقة وقد تكون السرقة احدى هذه المصادر، وفي بعض الأحيان نصادفهم ملتصقين بجدران المقاهي يستمدون منها صبيب الأنترنيت، ومن كان منهم ميسورا يقتحم هذه المقاهي، فيضيف إلى هذا الأمر أمورا أخرى تحدث في المقاهي من استنشاق التدخين وسماع احاديث هم في غنى عنها. ولأجل هذا كله ينبغي للآباء أن يتيقظوا، فمسؤولية تصحيح هذا المسار يتطلب جهدا كبيرا.