مما عده العلماء ضمن أحاديث: “دلائل النبوة” مارواه أصحاب السنن -إلا النسائي- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : >لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه< هـ.
فهذا الحديث يحذر من صنف من الناس، يرمي إلى إقصاء السنة بدعوى الاكتفاء بالقرآن، وهي تعلة باردة، وحيلة ماردة، ترمي إلى الإجهاز على الدين كله، فتدرجت لتحقيق ذلك عبر هذه الفلسفة المكشوفة.
قال المباركفوري في شرح الترمذي (تحفة الأحوذي: 7/354) : >هذا الحديث من دلائل النبوة وعلامة من علاماتها فقد وقع ما أخبر به؛ فإن رجلا قد خرج في الفنجاب من إقليم الهند وسمى نفسه بأهل القرآن، وشتان بينه وبين أهل القرآن، بل هو من أهل الإلحاد، وكان قبل ذلك من الصالحين فأضله الشيطان وأغواه وأبعده عن الصراط المستقيم فتفوه بما لا يتكلم به أهل الإسلام، فأطال لسانه في رد الأحاديث النبوية بأسرها ردا بليغا، وقال هذه كلها مكذوبة ومفتريات على الله تعالى، وإنما يجب العلم على القرآن العظيم فقط دون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت صحيحة متواترة، ومن عمل على غير القرآن فهو داخل تحت قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}(المائدة، : 44)، وغير ذلك من أقواله الكفرية وتبعه على ذلك كثير من الجهال، وجعلوه إماما وقد أفتى علماء عصره بكفره وإلحاده وخرجوه عن دائرة الإسلام والأمر كما قالوا” هـ.
ومن الهند انتقلت هذه العدوى إلى المغرب، وذلك فيما نشرته جريدة “الأحداث المغربية” تحت عنوان يقف له شعر الرأس، وترتعش له الحواس، وهو: “البخاري كان بينه وبين الحق حجاب”!وصاحبة المقال حفيدة ذلك الهندي في الضلال، لو تحقق لها مدعاها، لانهارت السنة بأكملها،وهي مسألة لا تحتاج إلى كثير علم، وليست لغزا يستعصي عن الفهم، فإذا انهار وسقط أصح كتب السنة، فبأي مقياس وتحت أي منطق تستعصي سائر الكتب عن السقوط والهدم؟! فقد اتفق العلماء عن بكرة أبيهم أن أقوى وأحسن وأعلى شروط الصحة، تلك التي في “صحيح البخاري”! وعليه، فإذا كان ما ادعت صاحبة المقال من أن البخاري “قبحه الله” – كما قالت والعياذ بالله- يستحق أن يسمى أمير الضعيف، فبأي كتب السنة نهتدي، وبأي حديث صحيح نقتدي؟!
ما هذا؟ أفي حلم نحن أم في يقظة؟ أم أن صاحبة المقال – مرة أخرى – يتحقق فيها الحديث، ويكون هذا أيضا من دلائل النبوة؟
اقرأ بالتفصيل النقد الجيد علما وأصالة ورصانة لما ورد في هذا الكتاب العظيم النفع – إن شاء الله تعالى- لكل المهتدين بسنة سيد المرسلين.
من مقدمة كتاب فتح الباري في الرد على المفترية على الإمام البخاري.
إعداد : أحمد بن محمد بن المقفع