نظمت الجمعية المغربية للبحث العلمي يوماً دراسياً في موضوع ؛ التعريب والجامعة المغربية يوم الخميس 25 مارس 2004 بكلة الآداب والعلوم الإنسانية سايس -فاس، ولأهمية المواضيع المطروحة ننشر مختصرات لبعض عروضها.
كليـة العلـوم بين لغة التفكيـر ولـغـة التعـبـيـــر
> الخالدي محمد (أستاذ بشعبة الكيمياء كلية العلوم ظهر المهراز، فاس)
إن التعليم العالي في المجال العلمي أصبح يعبر بشكل واضح عن تضارب التصورات والمناهج والمرجعيات بطريقة اتسمت بإلغاء التفاعل والحوار. وقد حرص هذا النوع من التعليم على معادلة اعتمدت إقصاء واستبعاد اللغة العربية وتأكيد الامتياز للغة الفرنسية. ومما لاشك فيه أن تعريب التعليم ما قبل الجامعي أكد وافدية وغربة لغة التعليم، السائدة في كلية العلوم، عن المتلقي. فأصبحت لغة التواصل تمثل عقبة في استيعاب المعلومات، بدلا من المساهمة في تيسير الإدراك والفهم عند الطالب، وهذه الظاهرة أدت بطبيعة الحال إلى تعثر إمكانية التخاطب بين الأستاذ والطالب. فمن خلال هذه المشاركة حاول ذ. محمد الخالدي التركيز على مشكل اللغة ووصف الأنساق السائدة مع الإشارة إلى المصادر والأصول التي يستمد منها التعليم بكليات العلوم خصائصه وتوجهاته.
الــوضــع اللغــوي بـكليـة العلـــوم ظهر المهراز
> نور الدين الرايس (مركز تفعيل اللغة العربية في العلوم كلية العلوم ظهر المهراز)
حاول من خلال هذا البحث الميداني تسليط الأضواء على :
- نوعية العوائق والمشاكل التي ظهرت من جراء تغيير لغة التدريس من الثانوي إلى العالي،
- الحلول والمساهمات التي يراها الأساتذة مناسبة في الظروف الراهنة، بصفة خاصة إمكانية تعريب التعليم العالي العلمي.
ويتضح أن الطالب المعرّب يجد صعوبات لغوية كبيرة عند التحاقه بالتعليم العالي المفرنس، وأنه يستطيع التغلب على المشكل اللغوي عند التلقي وليس عند الإنتاج، كما يتبين أن نصف الأساتذة تقريبا يرى أن التعريب سيقلل من مشاكل الطالب البيداغوجية وأن أكثر من نصف الأساتذة يؤيد تعريب المواد العلمية.
وقد قام الأستاذ بعد ذلك بحساب إحصائيات لقياس تأثر الدالات واحدة بالأخرى، حيث تبين أن إمكانية المساهمة والخطوات الأولية في التعريب جد مرتبطة بعضها ببعض وبالموقف من التعريب وأنها قليلة الارتباط بالدالات العريفية.
ثم قام بتطبيق التحليل العاملي للتوافق المتعدد لبحث تأثر الدالات بعضها ببعض حيث برز أن هناك ثلاث فئات : الأساتذة المؤيدون للتعريب (50%)، الأساتذة بدون موقف (غالبا وظفوا بعد 90)، والأساتذة الذين لا يرون ضرورة التعريب (غالبا يؤكدون أنه لا يوجد فرق بين المعربين وغير المعربين).
طرح مشكل التعليم باللغة الفرنسية في كلية العلوم
> رايس زكية، منانة الهلاوي، نورة لحبابي، محمد العلمي، نورالدين الرايس، عبدالله بصحابة، صلاح الدين السيوري، يحيى عبابو، محمد العلوي، محمد الخالدي (كلية العلوم ظهر المهراز)
منذ بداية الثمانينات، أعطت تجربة تعريب المرحلة الثانوية بالمغرب نتائج سارة من حيث الرفع من مستوى الفهم واستيعاب المواد العلمية وفي التواصل أيضا. ولكن سرعان ما توقف التعريب عند نهاية المرحلة الثانوية وظلت الجامعات تقدم تكوينها باللغة الفرنسية. رغم هذا العائق اللغوي، تزايدت نسبة النجاح بالكلية من 10 إلى 20% سنويا. ولكن هذا لا يكفي، لأن الأستاذ لا يزال يعاني من مشكلتين اثنين :
- مشكلة الطالب في الفهم والتحصيل والاستيعاب حين تلقينه الدرس،
- مشكلة الطالب في التعبير عن المعلومات العلمية المكتسبة، وفي المشاركة خلال الدرس.
ومن أجل هذا ارتأى مجموعة من الأساتذة إنشاء مركز تفعيل اللغة العربية في العلوم للتخفيف من حدة هذا المشكل وتقديم اقتراحات عملية للرفع من المستوى العلمي للطلبة.
التعريب الجامعي، الـمـعـوقـات وأسبـاب النجـاح
> مقبول ادريس (كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس)
السلحفاة العرجاء أقرب وصف يمكن إطلاقه على ما تشهده حركة التعريب في عصرنا هذا من بطء شديد يجعلها غير قادرة على القيام بدورها الثقافي والحضاري مما مهد لظاهرة استشراء اللغات الأجنبية لدى العرب بالوطن العربي وجعلها تتنامى بشكل ينذر بالخطر. وفي هذه الورقة حاول تسليط الضوء على أهم المعيقات التي تقف في طريق إنجاح استراتيجيات التعريب على عدة أصعدة سياسية وثقافية واجتماعية وحضارية، كما تطرق إلى ما رآه من جانبه كفيلا بوضع حد لهذا الاسترخاء في معالجة قضية من الحساسية بمكان في مشروع نهوض أمتنا الحضاري، واضعاً نصب عينيه موضع الجامعة في مشهد التعريب، والرهانات والانتظارات المطلوب إنجازها في الجامعة، ومن الجامعة في مسلسل التعريب.
إن الحديث عن التعريب في الجامعة يتداخل ويشتبك مع مواضيع أخرى تدور حول تعريب التعليم العالي في الوطن العربي، وشروط ومتطلبات نجاحه وبنوك المصطلحات وتبادل المعطيات المصطلحية ونشرها بين الأقطار العربية، بواسطة التقنية الحاسوبية ودور المصطلح العلمي الموحد في تعريب التعليم العالي، وإيجاد لغة علمية عربية مشتركة يفهمها جميع العلميين والتقنيين في مختلف الأقطار العربية وتكون أداة فاعلة للتعليم والبحث والتأليف والترجمة في مجال العلوم والتقنيات الحديثة وشبكات المعلوميات العربية والدولية والدوريات العلمية ووسائل الإعلام والاتصال المسموعة والمرئية والمقروؤة بحيث تيسر التبادل العلمي بين الجامعات العربية وتبادل الأساتذة والباحثين وانتقال الطلاب من جامعة عربية إلى أخرى. وإعداد الكتاب العلمي الجامعي باللغة العربية تأليفا وترجمة إضافة إلى دورالأستاذ الجامعي في تعريب التعليم العاليفي الوطن العربي واللغة العربية، وتحديات القرن الجديد والشبكة العربية للمعلومات والقارئ الآلي والترجمة الآلية والتعليم عن بعد.
تعريب العلوم بين اللغة والهوية
> أفيلال محمد الأمين (كلية العلوم وجدة)
إن تعريب العلوم مطلب واحد عبر كل الدول العربية، ولكن الأهداف المرجوة ليست واحدة، بل مختلفة وتتطلب نقاشا هادئا وعميقا وبكل تجرد، ليكون المنطلق واضحا، ولوضع البرامج المناسبة لتحقيق الهدف المنشود بكل شفافية.
من جملة الأسئلة التي تطرح على الباحث والمهتم بالموضوع، ذكر ذ. أفيلا مثلا :
1- من هي الجهة المسؤولة عن تعريب العلوم؟ وما هو دور الأستاذ الجامعي في هذا الصدد؟
2-ما هي أولويات الأستاذ الجامعي، هل التعريب أم البحث العلمي؟ وهل يمكن فصل الواحد عن الآخر؟
3-مبادئ سياسة التعليم الأربعة (التعريب، التعميم، المغربة، التوحيد) كلها متعثرة في المغرب لماذا؟
4-هل مطلب تعريب العلوم وراءه ضرورة علمية لخلق فرص التفوق والإبداع مثلا؟ أم مطلب ثقافي واجتماعي لتعزيز الهوية؟ وأي هوية؟ هل العربية؟ أم الإسلامية؟
هذه بعض التساؤلات من بين أخرى أبدى ذ. أفيلال الرأي فيها لإغناء النقاش.
كما تقدم بمقترحات عملية للمساهمة في تهييء الظروف المناسبة لتعريب العلوم مسقبلا، من قبيل إصدار مجلة باللغة العربية تعيد ترجمة ونشر الأبحاث التي تحمل مضمونا حضاريا متميزاً يعزز الهوية في مختلف المجالات، لنضع أمام الباحث المغربي أولا والعربي بصفة عامة، بصمات واضحة يمكن اقتفاء أثرها وتجميعها مستقبلا لتكون نسيجا معرفيا متميزاً قابل للحياة في وسط بحر العولمة والتغريب.
واقع عملية تعريب التعليم الإعدادي والثانوي على مستوى استيعاب الطلبة ونجاحهم في كلية العلوم ظهر المهراز بفاس
> عبد الله بوسحابة (كلية العلوم ظهر المهراز)
منذ وصول الأفواج الأولى للمعربين إلى رحاب الجامعة، وأصابع الاتهام تشير إلى أن عملية تعريب السلكين الإعدادي والثانوي انعكست سلبا على مردودية الطلبة. إلا أن هذه الدراسة المتعلقة بتطورات نسب النجاح لأهم اختصاصات كلية العلوم ظهر المهراز فاس منذ إنشائها سنة 2002 تظهر العكس تماما. إنها تبين وبكل وضوح أن عملية التعريب تساهم بقدر كبير في تحسين ورفع نتائج امتحانات ما قبل وما بعد الباكلوريا. ولا شك في أن في هذا يرجع إلى استخدام اللغة العربية في المستويين الإعدادي والثانوي، مما ساعد الطلبة على التحصيل والاستيعاب العاليين للمعطيات العلمية والإبداع فيها بالرغم من أنهم أرغموا على تلقي دروسهم بالفرنسية.
إن هذه الدراسة تبين كذلك أن تعريب التعليم العالي والرفع من مستوى تأطير الطلبة ونسب نجاحهم وكذلك اندماجهم في المحيط الاقتصادي في المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح يتوقف على مدى قردة وتأهيل الأستاذ لاستقبال هذا المنتوج الجديد والجيد والتعامل معه من جهة وعلى مجهودات السلطات المعنية بتوفير الشروط المادية والمعنوية لكل مكونات طاقم التعليم في الجامعة.