متى اجتاح الجيش العراقي الكويت؟ ومتى احتل الأمريكيون العراق؟
كان ذلك عام 1984، قبل الاجتياح الحقيقي للكويت، لكن، في فيلم “الدفاع الأفضل الأمريكي، الذي تم تصويره في “اسرائيل”… تتوالى أحداث الفيلم، إلى أن تستنجد الكويت بالقوات الأمريكية
ويقتل أطفال الكويت حين يلقون الحجارة على دبابة أمريكية، ويوصفون ب” الحيوانات القارضة”، كما توصف امرأة مقاومة ب “الكلبة الصحراوية” (1).
لن نستغرب، فهوليود تنتج أفلاما تستشرف فيها مستقبل سياسة بلدها تجاه العالم العربي والإسلامي، ومن يدري فقد تكون هوليود موجهة لسياسة أمريكا وطرفا فيها؟ ولا تخفى الصورة التي تقدمها عن العربي، بوصفه ذلك المتوحش الشهواني، البعيد عن الحضارة، الارهابي، الجشع الذي يشتري بأمواله “النساء الشقراوات”…أما النساء العربيات فهن محجبات إرهابيات، لا يحسن سوى الرقص الخليع، حتى الأطفال العرب لم يسلموا من إرهاب هوليود وعنصريتها، حين تعتبرهم “حيوانات قارضة”. وهكذا رسخت السينما الأمريكية تشويه صورة العربي في الأذهان. يقول البروفيسور جوزيف بوسكن من جامعة بوسطن : “إن الصورة الذهنية المبسطة للانسان تعلق بالذاكرة، وتزداد ترسخا كلما تكررعرضها، ولا يؤثر فيها تغيير الزي أو المظهر الخارجي لصاحبها… ثم ما تلبث أن تتغلغل إلى الأعماق، وتترك أثرا كبيرا في التصرف السلوكي للانسان الذي انطبعت في ذهنه”(2).
نتساءل : هل قام الاعلام العربي آنذاك بضجة إعلامية احتجاجا على ذلك الفيلم؟ هل احتجت حكومة العراق آنذاك (سنة 1984)؟ وإذا كانت السينما الأمريكية تخدم مصالح بلدها، فهل السينما عندنا تقدم فنا بناء راقيا؟
أعتقد أن السينما العربية ـ باستثناء بعض الأعمال الجادةـ قد شوهت صورتنا لدى الآخر، حيث أغرقت في الجنس والمسخ والاستيلاب الحضاري، فخلقت بذلك “قطيعة” بين واقعنا و”الفن” الذي يمثلنا…
ولنتصور، لو قدم فيلم واحد يسيء إلى أمريكا… كيف ستتصدى له كل القوى الحية في البلاد؟
فهل تستفيق السينما العربية من هذيانها لترد الاعتبار للانسان العربي، وتشاركه همومه وقضاياه؟
وهل من “مقاطعة” للسينما الأمريكية التي تشوه صورتنا وسمعتنا، وتمارس علينا عنصريتها وعداءها؟
———-
(1) بتصرف عن مجلة العربي، العدد : 353 أبريل 1988.
(2) نفسه.
> أم البنين