لقد نسي العالم ابن لادن لأن الإعلام المهيمن والموجه والمالك القانوني لحق الطبع لأخباره ونشرها وتوزيعها وتسويقها طوى عن أسواق الإعلام أخباره، وسحب عن أبواق الدعاية ذكره وما يخص أصحابه، ولحد الآن لا يعرف العالم هل مات ابن لادن أو قتِل، أو ما يزال يدير في أفغانستان على خصومها جامات الموت وأكوابه، فالعالم اليوم في انشغال عنه أو شُغِل ببطل جديد للفيلم العراقي اسمه الزرقاوي، الذي يرأس (دولة الإرهاب) في (دار السلام) وما حولها، وقد كان العالم يظن أنه جرح جرحا قاتلا حسب ما روج الإعلام عنه سابقا، وإذا به يحيى من جديد ولا يزداد إلا عتوا وعيثا وفتكا وترويعا وإرهابا. وهنا تثار أسئلة كثيرة في عدة منتديات وخلال مناظرات وفي مجالس الآراء وسهرات الأخلاء، وموائد الغذاء والعشاء، وعلى هوامش الملتقيات والأعراس والمآتم، من ذلك: هلهذا الزرقاوي حقيقة أو هو شخصية مختلقة مثل ” ثورُّو” (الذئب) و “طرزان” و “ضون كيخوطي”. وإن كان حقيقة فلحساب من يعمل؟ أيعمل للإسلام؟ الكثيرون يظنون غير هذا الظن، إذ لو كان يعمل للإسلام لما كان من ضحاياه كثير من الأبرياء، فما علاقة الإسلام بمجازر مثل مجزرة عمان التي لم يُقتل أو يجرح فيها سوى الأبرياء من العرب والمحتفلين بالعرس أو المقيمين من الأجانب الضيوف؟ ولماذا اختار عمان وفي تلك الليلة حيث كان الأردنيون يحتفلون بعرسهم؟ فما علاقة الزرقاوي بضحايا هذا العرس؟ ولماذا اختير المخرج السينمائي السوري العظيم ليكون هو وابنته من بين الضحايا؟ ألأنه كان يهيء لإخراج فيلم سينمائي عن البطل الإسلامي العظيم صلاح الدين الأيوبي؟.. وما علاقة هذه العملية الإرهابية بإخراج بعض اليهود قبل وقوعها؟ (وإن كان هذا الخبر قد وقع التراجع عنه في صحيفة يهودية ولكن لم يقع التراجع عنه في مصادرفرنسية )، وقد نشرت صحيفة مغربية الخبر كما يلي:
وزعمت صحيفة هارتس الإسرائيلية في عددها الصادر أمس (2005/11/10 ) أن قوات أمن أردنية أخلت عددا من السياح الإسرائيليين أتوا يقيمون في فندق راديسون ساس أحد الفنادق المستهدفة قبل وقوع العملية بعد تحذيرات أمنية محددة، وتم نقلهم إلى إسرائيل بمرافقة رجال الأمن الأردنيين.
ونفى رئيس جمعية الفنادق ميشيل نزال هذا الخبر…
والغريب أن جهات إسرائيلية أعلنت عن مقتل رجل أعمال إسرائيلي في إحدى الحوادث بفندق عمان، والحقيقة كما بين المصدر أنه فلسطيني عربي من عرب 1948 له جنسية إسرائيلية…
المهم من إيراد هذا الخبر أنه يتبين أن الجهة الزرقاوية التي أعلنت مسؤوليتها عن هذه التفجيرات لم تفتك إلا بالعرب والمسلمين والضيوف، وهذا ليس من شيم العروبة ولا من أخلاق المسلم الذي هدد القرآن الكريم القاتل المتعمد أمثاله بالخلود في النار وبالويل والثبور.
ونعود للسؤال المثار دائما: فمن هو الزرقاوي؟
من الصعب الوصول إلى الحقيقة ” لأنها (أي الحقيقة) غالية جدا ولذلك يجب أن نحميها بجيوش من الأكاذيب ” كما يقول أحد كبار السياسيين الكذابين اسمه تشرشل رئيس الحكومة الإنجليزية في الحرب العالمية الثانية ( انظر مقالة الأستاذ أنيس منصور: “اكذب اكذب حتى يصدقك الناس” – الشرق الأوسط – الثلاثاء 2005/11/22) ويقول في هذا المقال:
“إن الحقيقة هي أولى ضحايا الحرب، لذلك ليس من السهل الإجابة عن السؤال، لكن يمكن اختزاله لا اختصاره”.
وإن المحلل السياسي البلجيكي ستيفان لونومان ألف كتابا بعنوان ” الزرقاوي -بوش حرب الشر” في 386 صفحة صدر عن لوسربان البلجيكية، وأوردت مجلة المجتمع الكويتية في استجواب معه أنه قال:” إن الزرقاوي رمز للتدخل الأمريكي، لأن الزرقاوي مات مقتولا كما اعترف بذلك الأمريكيون أكثر من مرة، ثم عادوا إلى تكذيب الأمر؛لقد تحول الزرقاوي في العامين الأخيرين إلى غول هولامي يمكن استغلاله لإخافة العالم”. وقال:” إن 33 كتابا من 48 كتاب يشككون في براءة الإدارة الأمريكية من أحداث البرجين بنيويورك في 2001/9/11 ” (المجتمع: 25 رمضان 1426 =2005/10/28)، بل أن أبرز رجال المخابرات التركية البروفسور ماهر كايناك صرح لصحيفة راديكال (2005/9/1) أنه لا يوجد تنظيم اسمه القاعدة، وقال:
” إن جميع الأفعال والعمليات التي تتم باسم القاعدة هي فعاليات وعمليات تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، وتتم جميعها بعلم كامل من الرئيس بوش”، وقال:” إن بوتين رئيس روسيا قد يكون شريكا في هذا المخطط، وله علم كامل به لكنه يغض الطرف عنه”، وقد بثت وكالة الشرق الأوسط تصريحات السيد كايناك، وأجاب إن الدافع لذلك هو تنفيذ للقرار الأمريكي للقضاء على رأس المال الإسلامي، ويتساءل: هل من المنطق أن أجهزة المخابراتالأمريكية والروسية والفرنسية القوية لا تستطيع القضاء على القاعدة؟، مع أنهم يزعمون أنه يخطط لعملياته من داخل مغارة صغيرة في مكان مجهول.
وقال :”إنه بعد حل وتفكيك التنظيمات اليسارية حول العالم، بدأت الولايات المتحدة في مكافحة الإسلام السياسي بطرق مختلفة، وتشترك معها الدول الكبرى مستخدمة اسم تنظيم القاعدة رمزا أو كودا للعمليات التي تنفذها المخابرات الأمريكية نفسها، مضحية بخسائر بشرية ومادية تفاديا للمواجهة الصريحة التي تكلف ضحايا أكثر ومصاريف أضخم وجهودا أكبر…
إذن فالزرقاوي هو اختراع المكر الأمريكي في رأي المؤلف البلجيكي وأحد كبار مخابرات تركيا… والله أعلم.
وهناك صوت آخر أطل علينا من فضائية الجزيرة يزعم زعما آخر بأن الزرقاوي لا حقيقة له، وإنما هو رمز أو اختراع بعثي يرتكب باسمه البعث العربي تلك الفظائع والأهوال…وإن القارئ العادي وحتى الفَطِنَ ليظل حائرا أيالزعمين يصدقـ وقد تكون هناك مزاعم أخرى، ولكن المؤكد أن من فيه ذرة من إيمان لا يمكن أن يؤذي المسلمين، لا سيما الأبرياء منهم فكيف والاعتداء على الأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ هو أبرز ما يرتكبه (الزرقاويون) أو من يقوم مقامهم.
على كل حال فإننا أمام أحداث، الحقيقة فيها ضائعة أو غالية وهي محمية بجيوش من الكذب، فردد معي: {ألا لعنة الله على الكاذبين}.
د.عبد السلام الهراس