جاءكم شهر القرآن


جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير الكثير

قال الباري جل وعلا: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه،ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر،يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}(البقرة :184).

عند الإفطار:

- عَنْ مُعَاذِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ : >اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْت<(أخرجه الإمام أبو داود رحمه الله في سننه كتاب الصوم،باب القول عند الإفطار).

-عن مَرْوَان يَعْنِي ابْنَ سَالِمٍ الْمُقَفَّعَ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَيَقْطَعُ مَا زَادَ عَلَى الْكَفِّ وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  إِذَا أَفْطَرَ قَالَ : >ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ<(أخرجه الإمام  أبو داود رحمه الله في سننه كتاب الصوم،باب القول عند الإفطار).

في مدرسة الصيام :

كيف أنتهز هذه الفرصة وهذه المدرسة الربانية للترقي في مدارج الفلاح والنجاح وتحقيق السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة؟

نلخص ذلك في هذه النقاط:

> المحبة : المرء على دين خليله، والمؤمن ضعيف بنفسه قوي بأخيه،والمحبة مشروع أخروي يستمر حتى الآخرة، ولذلك وجب أن تحب وتصحب في هذا الشهر وبعده من ينهضك حاله ويدلك على الله مقاله،باب عظيم غفل عنه الناس هو باب المحبة بها ترفع إلى أعلى الدرجات،فمن أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة المحبة، بها تحيى القلوب وتغفر الذنوب، وهي من أصول هذاالدين الذي وصلنا عن طريق المحبة،محبة الصحابة لسيدنا رسول الله ، ومحبة التابعين للصحابة، ومحبة تابعي التابعين للتابعين إلى يومنا هذا سلسلة متصلة الحلقات إلى سيدنا رسول الله . فإن لم تكن من أهل البيت نسبا فكن من أهل البيت محبة ، قال الحبيب  :  >سلمان منا أهل البيت< رغم أنه كان فارسي النسب.

وجاءت في فضيلة المحبة  أحاديث وأخبار وآثار كثيرة، روى الإمام الطبراني رحمه الله عن سيدنا أيوب ] قال : قال رسول الله   :>المتحابون في الله على كراسي من ياقوت حول العرش<.

جاءنا المطهر،جاءنا شهر الغفران، جاءنا شهر القرآن،جاءنا شهر العتق من النار، فالحمد لله على فضله وإحسانه، فطوبى لمن صامه وقامه، وهنيئا لمن رفع الله همته ليطلب الزلفى عند الله، وليزاحم على باب الله،طالبا للدرجات العليا في مقعد صدق عند مليك مقتدر.                                         فمن الناس من يدفعه نهار إلى ليل، وشهر إلى شهر،وسنة إلى سنة، ورمضان إلى رمضان، دون أن يستيقظ له وازع من نفسه ليتساءل ويبحث عن غاية لحياته، ومرمى لسعيه،وتدحرجه على وجه الأرض دبيبا لا وجهة له ولا معنى.مثل هذا أدركه رمضان لم يدرك هو رمضان.

فضل الصوم:

عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ] يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  : >قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِه<(أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الصوم، بابِ هل يقول إني صائم إذا شتم/والإمام مسلم في كتاب الصيام باب فضل الصيام).> من أدرك رمضان:

- عن مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده قال : >ثم صعد رسول الله   المنبر فلما رقي عتبة قال آمين ثم رقي عتبة أخرى فقال آمين ثم رقي عتبة ثالثة فقال آمين ثم قال أتاني جبريل فقال يا محمد:  من أدرك رمضان  فلم يغفر له فأبعده الله ، قلت آمين<(صحيح ابن حبان ج2 ص140).

وروى البزار رحمه الله بإسناد حسن عن عبد الله بن عمرو ] قال:قال رسول الله  :>من أحب رجلا لله فقال : إني أحبك لله، فدخلا جميعا الجنة، فكان الذي أحب أرفع منزلة من الآخر،ألحق به<. وفي حديث آخر : >من أحب قوما حشره الله في زمرتهم<(رواه الطبراني عن أبي قرصافة). وفي رواية الإمام الترمذي : >المرء مع من أحب<.

- الدعوة إلى الله عز وجل فيرمضان وبعد رمضان.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ : >مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا<(رواه الإمام مسلم في كتاب العلم).

وأفضل ما يذهب به العبد إلى ربه هداية الناس،يقول أحد الصالحين:” فعلى كل واحد منكم يقع واجب نشر الدعوة,وتبليغ النداء,وتمهيد الطريق أمام المسلمين والمسلمات ليهبوا من رقادهم,ويلتفوا حول لواء لا إله إلا الله.إنها السعادة في الدنيا والآخرة أن يهدي بك الله رجلا واحدا أو امرأة ,فكيف إذا وفقك لهداية رجال ونساء… إن ب”.

من أعلى شعب الإيمان بل من أسبق سابقات الجهاد أن تدعو غيرك إلى الله,إنها مهمة الرسل والأنبياء عليهم السلام ومهنة المصطفين من عباد الله,فتعست همة لا تطمح هذا المطمح, ولا عاش من لا يحمل هم الأمة الساكت عن الدعوة ساعة من نهاروفرصة كل لقاء مثبط قاعد.”

3- الإكثار من ذكر الله تعالى:الاستغفار-الصلاة على سيدنا رسول الله  الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله)

4- الصلوات الخمس في المسجد والتراويح (تراويح العشاء والفجر).

5- الدعاء يوميا نصف ساعة قبل المغرب.

6- الدعاء بعد صلاة المغرب على الأقل 10 دقائق.

7- الإكثار من الصدقة.

شهر رمضان شهر الخير والبركة والرحمة:

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  :>أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ<(أخرجه الإمام الترمذي رحمه الله في سننه كتاب الصيام،باب).

-عن أبي هريرة ] قال: >كان النبي  يبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول :قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير الكثير<(الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية للشيخ النبهاني رحمه الله ص360).

من هديه  في رمضان:

> أ-العبادة والأخلاق :

-وكان من هديه  في شهر رمضان، الإكثار من أنواع العبادات،فكان جبريل \ يدارسه القرآن في رمضان،وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة،وكان أجود ما يكون في رمضان،يكثر من الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذكر، والاعتكاف.

> ب-الدعاء:

-إذا جاء رمضان:

عن عبادة بن الصامت قال :”كان رسول الله  يعلمنا هؤلاء الكلمات إذا جاء رمضان يقول: اللهم سلمني لرمضان   وسلم رمضان لي  وتسلمه مني متقبلا”(سير أعلام النبلاء ج19 ص:51/وكتاب الفردوس بمأثورالخطاب ج1 ص471).

- عند رؤية هلال شهر رمضان :

- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْماَعِيلَ حَدَّثَنَا أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ : >هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا<(أخرجه الإمام أبو داود في سننه،كتاب الأدب ،باب ما يقول الرجل إذا رأى الهلال).

اتقوا النار ولو بشق تمرة فإنها تقيم العوج،وتدفع ميتة السوء،وتقع من الجائع موقعها من الشبعات”( رواه أبو يعلى والبزار رحمهما الله).

الاعتكاف في العشر الأواخر :

عَنْ السيدة عَائِشَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ] أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تَوَفَّاهُ الْمَوْتُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ<(رواه الإمام أحمد في مسند في باقي مسند الأنصار).

قراءة القرآن والاستماع له :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ : >مَنْ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ وَمَنْ تَلَاهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ<(رواه الإمام أحمد في مسنده كتاب باقي مسند المكثرين).

هذه بعض الأمور التي تجعلنا نستفيد من هذه المدرسة الربانية،نتزود فيها بالمحبة والتقوى والعبادة والوقوف بين يدي الباري جل وعلا .

مسك الختام:

أخي الحبيب:الخير بين يديك،فهل تكون من السابقين بالخيرات،فهذا باب خير قد فتح لك فبادر بالدخول فيه.

فعند ولادتنا يؤذن لنا بدون صلاة وعند وفاتنا يصلى علينا بدون آذان،فهل من توبة وهل من عزيمة نرتقي بها في مراقي النجاح والفلاح قبل أن نحمل على الأكتاف ويصلى علينا بلا آذان..

رمضان فرصة ثمينة للتوبة والإنابة والوقوف بين يدي الله جل وعلا والقطيعة مع الماضي…فهل تستثمرها بالتوبة النصوح…؟؟؟!!!

رشيد كهوس

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>