في ندوة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة
نظمت وحدة البحث والتكوين في التواصل الحضاري، يوما دراسيافي موضوع:” جوانب من التواصل الحضاري بين ضفتي الحوض الغربي للبحر المتوسط “. وذلك يوم الأربعاء 16 مارس 2005بقاعة نداء السلام في كلية الآداب، جامعة محمد الأول وجدة.
وقد قدمت فيه أطباق متنوعة من المداخلات التي تهم التواصل بين الضفتين.ففي الجلسة الأولى التي ترأسها الأستاذ مصطفى عزة، مهدت الباحثة فريدة الداودي للموضوع بفرشة تاريخية عن التعايش بين المسلمين والنصارى في الأندلس والمغرب في فترة القرن العاشر الميلادي من خلال دراسة الباحث الفرنسي “شارل إيمانويل دوفورك”، الذي يعد من أبرز الباحثين في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في غرب البحر الأبيض المتوسط خلال العصر الوسيط، ولعل أبرز خلاصة توصلت إليها الباحثة من هذه الدراسة هي أن التعايش والتساكن بين الديانتين كان هو القاعدة، والقطيعة هي الاستثناء بالرغم من الاختلاف الظاهر على المستوى الديني والعقدي.
وانتقل الباحثون عمار بنعائشة،وعبد القادر بوترفاس وبوعلام السباعي إلى فضاء الرحلة بما تمثله من وسيلة للتواصل بين الأنا والآخر. فمن خلال هذا الآخر المختلف دينيا وعرقيا نكتشف ذواتنا. وفي هذا السياق اتخذ عمار بنعائشة أسر مويط ورحلته بين دور من اشتروه نموذجا لصورة الحياة المغربية من قبل أحد الغربيين. ونقلنا بوترفاس إلى نموذج إسلامي تمثل في رحلة الغزال التي حاول من خلالها تقديم صورة منبهرة بالآخر.أما بوعلام السباعي فقد حاول رصد الرحلات السفارية المغربية إلى أوربا ما بين 1844 ـ 1894 بحثا عن نماذج للإصلاح بعد هزيمتي إيسلي وتطوان.
أما في الجلسة المسائية التي سيرتها الباحثة حيدر كريمة، فقد أثار الباحث محمد بالدوان إشكالية الأسبابالحقيقية لطرد المسلمين من الأندلس والأجواء النفسية التي تمخضت عنه من خلال الحنين الذي راود المسلمين لاسترجاع”الفردوس المفقود”.أما الباحثان مونية ازبيري وبلحسين الإدريسي، فتتبعا بعض مظاهر التواصل الحضاري بين المغرب وأوربا في عهد السلطان محمد بن عبد الله، وذلك بالتركيز على التواصل التجاري في الدراسة التي قامت بها ازبيري وتبادل الأسرى في دراسة الإدريسي، ورصد الباحث سعيد بنادي بعض مظاهر العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وانجلترا في عهد السلطان عبد الرحمن بن هشام، في زحمة الصراع الأوربي والتكالب الامبريالي على المغرب.
وأخيرا وقف الباحث يحي بولحية عند البعثات المغربية إلى أوربا في عهد السلطان الحسن الأول، بما كانت تمثله من رغبة لدى المخزن للبحث عن سبل الإصلاح واللحاق بالركب الحضاري الأوربي.
وقد جرت عقب كل جلسة مناقشات، أبانت عن خصوبة هذا الموضوع الذي تناوله الباحثون بالدراسة والتحليل. كما دلت على الهواجس العلمية التي يحملها طلبة الوحدة، والطلبة عموما في موضوع التواصل الحضاري، الذي يحتفظ براهنيته في خضم ما يعرف بصراع الحضارات أو صدامها، وهو ما يرغب ويرنو بعض الغربيين إلى تكريسه من خلال بعض الأدبيات التي غدت حاليا أطروحات فعلية، وأصبحت تحرك سياسات دول كبرى، وتدفعها إلى الاعتداء على الغير أما ما نريده نحن فالحوار الحضاري الذي يكرس التعايش بين مختلف الديانات والثقافات على قاعدة الآية : {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}.