“بَّامُوحَا” هذا الرجل الطيب القادم من جوف صحرائنا الحبيبة، لونه أسود، لكنه يحمل في جوفه قلبا أنصع من الحليب، قلب يتسع للصغار وشغبهم، وللشباب ونزقهم، وللشيوخ ورعونتهم، ما يكاد يمر عبر زقاق حينا حتى يحصاره الصبية..” باموحا ابغينا الفانيد” فيخرج من جيوبه ملء قبضته من المكسرات وينثرها فوق رؤوسهم فيتلقفونها في مرح طفولي، يأتيه الشباب وقد تنازعوا مع ذويهم أو تسببوا في مشكل داخل مؤسستهم التعليمية فيحاول جادا أن يصلح ما أفسدوه ويرأب الصدع الذي أحدثوه، يصلح بين الزوج وزوجته وبين الجار وجاره ما تراه إلا وهو يجري في خير العباد والبلاد.
“باموحا” لم يتخرج من كلية، ولم يقرأ صحفا، ولم يشنق سمعه قط بمحاضرات حول التربية على المواطنة، لكنه رجل يحب الله ورسوله، ويقول أن النبي [ أوصى بسابع جار، وأن المشي ب النميمة بين الناس مآله النار، وأن اللهفي عون العبد ما دام العبد في عون أخيه… هذا هو “باموحا” الرجل الطيب، ابن الصحراء المجاهدة، رجل بسيط حتى النخاع، أكرمه الله بذرية طيبة، رباها على حب الله وحب الوطن، كان يأتيني بين الفينة والأخرى ويطلب منى أن أكتب رسالة لابنه المغترب في ديار الغرب، ويؤكد علي في صرامة : قل له يا بني أبوك يحذرك من مغبة ترك الصلاة، كل شيء يهون إلا الصلاة فحافظ عليها، بلغه رضاي ورضا أمه… ترى ماذا لو كان مسؤولونا في طيبة “بَّاموحا”، ماذا لو كان لهم قلبه الحبيب، وحنانه الفياض، ماذا لو وضعوا الله نصب أعينهم، وطلقوا الشعارات الفضفاضة؟؟ كيف سيكون حال الوطن لو أنهم تمثلوا سيرة هذا المواطن الصالح الذي لم ينل حظا من التعليم؟؟ ماذا لو دأبت مدارسنا وكلياتنا على تنشئة المواطن الصالح تنشئة تنهل من حنفيتنا السمحة؟؟ هل كنا سنجد من يسرق المال العام؟ هل كنا سنجد من يبتز المواطنين ليعطيهم حقوقهم التي كفلها لهم الدستور…
“باموحا” أيها الرجل الطيب، يا قلبا يحمل هموم الجميع، ويحب الخير للجميع، ويسعى في حاجة الجميع…”باموحا” وجه أسود، وقلب أبيض كالحليب، هكذا كنا نسمع آباءنا وهم يخوضون في سيرته الحميدة.
ذ.أحمد الأشهب