طهارة النفس، ونقاء الجسم، ونظافة الملابس، وجمال الهيئة، وحسن السمت، شطر الإيمان، قال رسول الله >الطهور شطر الإيمان<(رواه مسلم)، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على واقعية الإسلام، إذ الطبيعة البشرية، وما يفرزه جسم الإنسان من فضلات وأوساخ وعرق يقتضي هذا التشجيع على النظافة، والتنويه بشأن الطهارة.
ومرشد الأمة وواعظ الناس تقع أبصار القوم على مظهره قبل سماع دعوته، فلذلك جرت سنة الله في إرسال الأنبياء والمعلمين والوعاظ في أحسن هيئة، وأجمل حال، عن عمر بن الخطاب ] قال : >بينما نحن جلوس عند رسول الله ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام… ثم انطلق فلبث مليّاً، ثم قال لي يا عمر : أتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله أعلم؟ قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم<(رواه مسلم).
وعندما بعث علي ] عبد الله بن عباس إلى الخوارج لمناظرتهم لبس أحسن ما يكون من حلل اليمن، ومما يليق بمقام المناظرة، فلقيهم فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس ما هذه الحلة؟ قلت ما تعيبون علي!! لقد رأيت رسول الله في أحسن ما يكون من الحلل<(رواه أبو داود).
وقال عمر ] : إني لأحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب، قال الباجي : أي أستحب لأهل العلم حسن الزي والتجمل في أعين الناس.
بهذا الفهم العمري الراشد لهيئة الواعظ ظهر رموز الوعظ والإرشاد، والدعوة إلى الله أمام جمهور الأمة.
يقول العلامة عبد اللطيف البغدادي في وصف الواعظ الكبير ابن الجوزي : كان ابن الجوزي لطيف الصور، حُلوَ الشمائل، رخيم النغمة، موزون الحركات والنغمات، لذيذ المفاكهة، يحضر مجلسه مائة ألف أو يزيدون.. ولباسه أفضل اللباس : الأبيض الناعم المطيب..<(من مقدمة كتاب اليواقيت لابن الجوزي).
ذ.عبد الحميد صدوق