لماذا المبادرة؟
أمام الوضعية السيئة للتنمية البشرية بالمغرب كان لا بد من اتخاذ بعض الإجراءات الفعالة للرفع من قيمة مؤشر التنمية البشرية وبالتالي إمكانية الارتقاء إلى الرتب المتقدمة لمستوى التنمية البشرية، على الأقل إلى الترتيب العالمي حسب متوسط الدخل حيث يحتل المغرب الرتبة 108 عوض الرتبة 124 حسب مؤشر التنمية البشرية. في هذا السياق ولهذه الأسباب جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تهدف بشكل مباشر إلى التقليص من دائرة الفقر والتهميش والإقصاء، وذلك من خلال المحاور الثلاثة المعروفة لمحاربة الفقر، وهي: التكوين، والأنشطة المدرة للدخل، والرفع من مستوى التجهيزات والمرافق العمومية الأساسية. والمبادرة ستمتد على خمس سنوات، من سنة 2006 إلى 2010، ورصد لها غلاف مالي قدره 10 مليارات درهم.
كما أن تطبيق المبادرة، سيؤدي إلى تحقيق هدفينآخرين، ليسا أقل أهمية من الهدف الرئيسي الذي هو الرفع من المستوى المعيشي لفئات واسعة من السكان، وهما:
- إشاعة وترسيخ ثقافة جديدة في البلاد هي الثقافة التشاركية، والتي يمكن اختصار معناها في إشراك الجميع في التنمية وفي صناعة مستقبل البلاد، بحيث تصبح جميع المشاريع التنموية تحظى بالإجماع وينخرط فيها الجميع بشكل فعال لأن كل طرف ساهم في اقتراحها وصياغتها، ونقصد بالجميع المكونات الثلاثة التي تتكون منها المجتمعات المعاصرة وهي: القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المدني.
- تقوية النسيج الجمعوي، الحلقة الأضعف في البناء الاجتماعي المغربي، ولعل هذا العامل الرئيسي في تفشي ظاهرة الفقر في البلاد، لأنه أهم فاعل في التنمية الاجتماعية. والمبادرة تعتمد بشكل كبير على النسيج الجمعوي، الذي سيكون له دور في التشخيص وفي تعيين المستفيدين وفي صياغة المشاريع وتنفيذها.
البرامج الأولية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية:
تتكون المبادرة الوطنية من أربعة برامج أولية، وهي كالآتي:
1- برنامج محاربة الفقر في المجال القروي:
يستهدف البرنامج الأولي 403 جماعة قروية من ضمن الجماعات الأكثر فقرا. وهو برنامج يهدف تحسين مؤشر التنمية البشرية عن طريق التقليص من نسبة الفقر. ويتكون البرنامج من العمليات الآتية:
- تقوية الحكامة والقدرات المحلية للمستشارين الجماعيين وأطر وموظفي الجماعات القروية المستفيدة، بالإضافة إلى دعم الجمعيات المحلية وتقوية قدراتها…
- دعم الولوج إلى التجهيزات الاجتماعية والصحية والتربوية الأساسية
- إنعاش النسيج الاقتصادي المحلي عبر تشجيع الأنشطة المدرة للدخل ودعم بعض التعاونيات المحلية
- دعم عملية التنشيط الاجتماعي: وذلك من خلال محاربة الأمية، ودعم مزاولة الرياضة، ودعم التظاهرات الفنية والثقافية…
2- برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي في المجال الحضري:
يستهدف البرنامج الأولي 264 حيا حضريا ضمن الأحياء الأقل حظوة بالمدن الكبرى التي يتجاوز عدد سكانها 150 ألف نسمة (كل العواصم الجهوية ستستفيد). وهو برنامج يهدف تحسين ظروف وجودة عيش السكان وترسيخ الإدماج والتلاحم الاجتماعي. ويتكون البرنامج من نفس عمليات البرنامج الأول، مع الأخذ بعين الاعتبار طبعا خصوصيات كل من الوسط الحضري والوسط القروي.
3- برنامج محاربة التهميش:
وهو يستهدف 50 ألف شخص يعيشون في الهشاشة القصوى وفي وضعية صعبة، وهم ثمان فئات: شباب دون مأوى وأطفال الشوارع، الأطفال المتخلى عنهم، النساء في وضعية هشاشة قصوى، المتسولون والمشردون، السجناء السابقون بدون مورد، المختلون عقليا بدون مأوى، المعاقون بدون مورد، الأشخاص المسنون المحتاجون. وهو برنامج يهدف دعم هذه الفئات مع التكفل بهم في مراكز متخصصة مع السعي إلى إدماجهم اجتماعيا واقتصاديا. أما عمليات البرنامج فتتمثل في:
- توفير ظروف إعادة الإماج العائلي والاجتماعي
- مواكبة الإدماج السوسيو-اقتصادي
- التكوين وتلقين الحرف الأساسية – المساعدة على الاندماج المهني
- الاستقبال وتقديم الخدمات الخاصة لمختلف الفئات في مراكز الإيواء
- الإيواء لفترات معينة – التكفل الصحي
- الإنصات والدعم المعنوي والتوجيه والإعلام
4 – البرنامج الأفقي:
وهو يستهدف جميع الجماعات القروية والحضرية، باستثناء تلك المستفيدة من البرنامجين الأول والثاني، وهو يهدف دعم العمليات ذات الوقع الكبير على التنمية البشرية، وعملياته متنوعة ولكنها تركز أكثر على دعم الأنشطة المدرة للدخل وعلى دعم قدرات الفاعلين المحليين.
وسيواكب تنفيذ هذه المبادرة مرصد التنمية البشرية، وهي مؤسسة مهمتها الأساسية تتبع وتقييم وقع المبادرة الوطنية على مؤشرات التنمية البشرية، بالإضافة إلىإنجازها للدراسات والبحوث الميدانية حول قضايا الفقر والتهميش والإقصاء، كما سيعمل المرصد على تجميع وتعميم التجارب الناجحة.
> موضوع الحلقة القادمة: “التنمية المستدامة”
ذ.أحمد الطلحي