قرأ المريض اليأس في عيني طبيبه، وهو يأمره بمغادرة المستشفى، بعدما “عسكر” مدة طويلة.. وقبل ذلك، كان المريض يحس أن مرضه يتلف كل عضو في جسده، رغم العلاج الكيماوي والأودية..!
طلب من طبيبه تحديد موعد له، لكن الطبيب يتهرب من ذلك، موحياً له أنه قد عوفي من السرطان!
ألح المريض في طلبه، فحدد له الطبيب موعداً بعيداً..
عاد إلى قريته، بجسم نحيل منهوك، ينتظر لقاء ربه..
مل فراشه، وقد تورم جلده، فخرج يتمشى ذات صباح، يرقب الحصادين، آلمته أشعة الشمس، تصبب عرقا وخارت قواه، فتمدد بين حزم السنابل، يردد الشهادتين، ظنا منه أنه يحتضر!
انتفض.. أي ألم هذا؟!
إنها أفعى تلسعه سما زعافا، لم يستطع مجرد مقاومتها لوهنه.. صرخ.. التف حوله الحصادون فاغرة أفواههم… حاولوا انتشالها من جسده، لكنها متشبثة به، ولم تبرحه حتى نفثت فيه سمها كله!
أغمي على المريض… مسكين، سبحان الله، كان ينتظر الموت، فجاءه من حيث لا يدري! قال الحاضرون.
حمل إلى بيته… انهمك الجميع في ترتيب الجنازة.. لكن الرجل لم يمت بعد، فما زال فيه نبض.. انتظر الناس أياماً متتالية، ولم يمت…
فتح عينيه… تحسنت حالته تدريجيا… تذكر موعد الطبيب!
اندهش طبيبه لرؤيته، فقد كان يظن -حسب الفحص- أنه سيموت قريبا.. فحصه عدة مرات.. دهش أكثر، لقد عوفي تماماً من السرطان الذي كان قد انتشر في جسده كله!
سأل الطبيب الرجل إن كان قد تناول علاجا ما، والرجل يقسم أنه لم يتناول أي دواء أو حتى أعشاب!
وهو خا رج، قال للطبيب ضاحكا :
هل تدري يا دكتور أني مت ميتة أخرى.. لقد لسعتني أفعى؟!
عفوا، قارئى العزيز، لست طبيبة لأشرح علاج السرطان بسم الأفاعي!
ولكن… لنعتبر جميعا، كان المريض ينتظر الموت فمنحه الله الحياة!
فقد يبتلي الله المرء بمصيبة على مصيبته، فيقنط ويضجر.. ولله حكمة بالغة في ذلك… فأمر المؤمن كله خير.. ولله في خلقه شؤون :
فلماذا نام الرجل في ذلك المكان بعينه؟! ولماذا لم تلسع الحية الحصادين؟! ومن سخرها لتكون علاجاً لذلك الرجل المسكين…؟!
تساؤلات لا متناهية.. فلنشكر الله على كل مصيبة يبتلينا بها، فهو وحده عز وجل يدرك الحكمة والسر في ذلك… ورب ضارة نافعة، فلنرض بقضاء الله ولنتضرع إليه بالدعاء!!
ولك الحمد يا رب كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك!