أصل التوحيد راسخ وثابت في القلوب الموصولة بالله، وفروعه الممتدة إلى عنان السماء صاعدة بأنوار العمل الصالح، لتَبقى شجرة التوحيد في القلب تثمر أعظم ما تشتهيه نفس المؤمن، من الأنس بالله والإقبال عليه، ومحبته والشوق إلى لقائه، والوقوف عند حدوده والعمل بطاعته. قال تعالى : {ألم تر كيفَ ضرب اللّه مثلاً كلمةً طيّبة كشجرةٍ طيّبة أصلها ثابتٌ وفرعُها في السماء توتي أكْلها كل حين بإذن ربِّها…}(ابراهيم : 24).
قال ابن عباس :
ومثل كلمة طيبة : هي شهادة أن لا إله إلا الله.
كشجرة طيّبة : وهو المؤمن.
أصلها ثابت : لا إله إلا الله في قلب المؤمن.
وفرعها في السماء : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء.
وقال قتادة : جاء رجل إلى رسول الله فقال : يا رسول الله ذهب أهل الدّثور -أي المال الكثير- بالأجور! فقال : >أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا، فركب بعضها على بعض أكان يبلغ السماء؟ أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ قال : ما هو يا رسول الله؟ قال : لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله والحمد لله<. عشر مرات في دبر كل صلاة، فذاك أصله في الأرض وفرعه في السماء<.
فكلما تجدد الإيمان في قلب العبد ازداد الثبات على العمل الصالح الصاعد إلى قبة السماء ليبقى المؤمن عبداً سماوياً، لا طينياً أرضياً.
قال الربيع بن أنس : {أصلها ثابت وفرعها في السماء} قال ذلك المؤمن ضرب مثله في الإخلاص لله وحده، وعبادته وحده، لا شريك له أصلها ثابت، قال : أصل عمله ثابت في الأرض وفرعها في السماء، قال : ذكره في السماء.
وهكذا تبقى الكلمة الطيبة معراج المؤمن إلى مقام الأنس بالله ومعانقة رحمة الله بروح العمل الصالح الممتد في العلُوِّ والسمو.