الأولاد يتجمعون.. يغيظون الخروف.. وهو.. ينظر إليهم .. يشعر بحدث جلل سيقع له بعد لحظات.. يعبر عن توتره “بمأمأة” حزينة .. ماء .. ماء .. يأتي الأب.. يبتسم إلى الخروف.. يتقدم بضع خطوات وهو يخفي سكيناً حادة خلف ظهره.. ويمسح على رأسه ويقول .. عزيزي الخروف.. لا تحزن.. إنها سنة الله .. أعطنا عنقك وأمرك لله ..
هذا هو المشهد الذي سيتكرر عقب صلاة عيد الأضحى.. فألف صحة وعافية.
ولكن.. لا تجعل الفرحة تنسيك بعض النصائح الغذائية المهمة؛ حتى لا يحدث ارتباك للجهاز الهضمي.. وبدلاً من أن تقضي العيد سعيدًا.. يمر عليك وقته وأنت متألم حزين..
فوائد اللحم
اللحم عمومًا مهم لصحة الإنسان، فهو يحتوي على كميات كبيرة من فيتامينات (أ، ب، ج، د)، فلحم الضأن يحتوي على 54% مواد بروتينية، ونسبة من المواد الدهنية تتراوح بين 17 – 26%، وكل مائة جرام منه تعطي الجسم طاقة حرارية تقدر بـ 123 سعرًا حراريًّا، بينما تعطي الماشية الكبيرة السن 103 سعرًا حراريًّا. وتتراوح مدة الهضم بين 3 -4 ساعات بحسب طريقة الطهي ونوع اللحم.
طريقة الحفظ
وفي العيد غالبًا ما تفيض كمية اللحوم عن الحاجة، سواء أكان ذلك من أضحية المضحي نفسه أم من الهدايا التي تهدى إليه؛ ولذا كان التفكير في الطريقة المثلى للحفظ والتبريد مهمة. وبداية ينصح خبراء التغذية بألا تزيد مدة التخزين عن أربعين يومًا، يقطع خلالها اللحم، ويفضل ألا تزيد كل قطعة عن كيلو جرام واحد، ثم يلف في ورق “كالك” (ورق زبدة)، ويوضع في الثلاجة.
والآن هيا إلى جولة مع جسد الخروف لنتعرف على فوائد كل جزء على حدة..
الكبد
كبد الخروف هو أكثر الأعضاء غنى بالبروتين والحديد العضوي؛ ولذا كان تناوله مهمًا بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الضعف العام وفقر الدم، كما أنه غني أيضاً بفيتامين “أ” و”د”.
الكليتان
من الأعضاء الغنيةكذلك بالبروتين والمواد المعدنية، ولكنهما فقيرتان في الدهون وصعبة الهضم لاحتوائهما على أنسجة ضامة.
القلب
صحيح أن الخروف أليف طيب القلب، لكن هذا لا يمنع من القول بأن قلبه عسر الهضم، وبه ألياف طويلة وسميكة؛ ولذا ينصح بأكله على هيئة لحم مفروم، وفي قلبه عموماً نسبة متوسطة من البروتين والمواد الدهنية.
الـمخ
أما المخ؛ فهو سهل الهضم وبه كميات كبيرة من الفوسفور المفيد جداً للعظام، وبه نسبة جيدة من فيتامين (د).
الحلويات
هكذا يسميها المصريون، والمقصود بها الأحشاء الداخلية للخروف، مثل: الأمعاء والطحال والرئتين وغيرها. وهي غنية بالبروتين وفقيرة في الفيتامينات والمواد المعدنية، وهي كذلك عسرة الهضم؛ ولذا تنصح ربة الأسرة بتقطيعها قطعًا صغيرة وطهيها جيدًا.
الكوارع
أما أرجل الخروف التي يقبل عليها البعض وينسج حولها قصصًا تتعلق بالصحة الإنجابية، وتشتهر باسم “الكوارع” فقيمتها الغذائية ضعيفة، وتحتوي على بروتين غير كامل يسمى “جيلاتين”، وبالرغم من أنه سهل الهضم فإنه خال من الأحماض العضوية البانية للجسم والمجددة لخلاياه.
كيف تختار اللحم؟
إذا ما كنت مثلي ممن لا يملكون ثمن الأضحية، ويذهب متردداً على فترات زمنية متباعدة للجزار، وتقف أمامه بكل أدب طالباً شراء ما اشتهر باسم اللحم.. فهذه النصائح إذا كانت مهمة، فهي لي ولك غاية في الأهمية .. وذلك لأن الفشل في هذه التجربة أليم .. والغشاشون ينتهزون فرصة قلة خبرتنا باللحوم ليبيعونا الفاسد منها.. لذا يقدم لك خبراء التغذية بعض النصائح قبل إقدامك على هذه المهمة العصيبة فيقولون:
< إن لون اللحم الجيد يكون أحمر فاتحاً أو غامقاً حسب سن الماشية، ويكون كذلك متماسكًا لا تغوص فيه الإصبع، ورائحته غير كريهة.
< أما اللحم الرديء -وقانا الله وإياك شره- فيكون لونه باهتًا متغيراً عن طبيعته، وربما يصبح لونه في بعضالأحيان أزرق، ويكون كذلك رخوًا يغوص فيه الإصبع بسهولة، كما تنبعث منه رائحة كريهة.
< ويضيف هؤلاء الخبراء -أولاد الحلال- بأنه يمكنك معرفة الرائحة بأخذ قطعة من اللحم بالسكين وتشمها أو تشم السكين نفسها، ويفضل شم اللحم القريب من العظام؛ لأنها أكثر الأماكن عرضة للفساد السريع، كذلك فإن الأحشاء الداخلية مثل الأمعاء والكرشة وغيرها سريعة الفساد؛ لذا وجب التدقيق في شرائها.
< وإذا كان اللحم الذي سنشتريه أنا وأنت مجمداً كانت مهمتنا أصعب، لأن التجميد لا يمكننا من الفحص الدقيق؛ لذا يقول خبراء التغذية إنه يفضل ترك هذا اللحم حتى يعود إلى حالته الطبيعية ويزول تجمده، وبعد ذلك يمكن تطبيق الخطوات السابقة عليه قبل طهيه.
طريقة الطهي المثلى
والآن بعد أن أصبح عندنا لحم سواء كنت مضحيًا أو مشتريًا، فما هي الطريقة المثلى لطهيه بحيث يفيد الجسم منه بصورة كبيرة؟
اعتاد الناس أن يأكلوا اللحم إما مسلوقاً أو مقلياً أو مشويًا.. وتختلف درجة الإفادة من كل وسيلة من وسائل الطبخ هذه.. فاللحم المشوي.. (نعم الكباب) هو أكثر هذه الأنواع احتفاظاً بخواصه الغذائية، وذلك لأن حرارة الشوي تجمد طبقة البروتين الخارجية فتمنع تسرب مركبات اللحم الغذائية. والكلام ذاته ينطبق على اللحم المقلي، أما اللحم المسلوق فإنه يفقد كثيرًا من ميزاته الغذائية؛ لأن مركباته تختلط بالماء، لكنه يظل أسهل هضمًا حيث تهضمه المعدة في ثلثي المدة التي تهضم فيها اللحم المشوي أو المقلي.
وأياً كان الأمر مشوياً أو مقلياً أو مسلوقاً فإن معيار الصحة في أي لحم وفي أي غذاء وصية الرسول ألا نشبع، وألف هنا وشفا وصحة وعافية.
محمد عبد العاطي