- إياك أن يختطفك أبوك! توصيني أمي.
- إياك أن تختطفك أمك! يوصيني أبي.
كنت أتساءل، حينها، ببراءة طفولتي : كيف يختطفني أبي، وتختطفني أمي، وهما أعز الناس إلي، فما بالي بالآخرين؟!
لماذا أختلف عن الأطفال الذين أغبطهم؟!
كانت أغلى أمنياتي أن يضمني أبوي معا ويأخذاني بينهما، وأنا في غاية السعادة..!
سألت أمي فقالت : لأني مطلقة، وحضانتك من حقي أنا..!
سألت أبي فقال : أمك مطلقة، ولا تصلح لتربيتك، انسيها، زوجتي الحالية هي أمك!
أيمكن لأحدنا أن ينسى أمه ويغيرها بهذه السهولة؟! تساءلت باكية.
دللني أبي… عنفني… قمعني… ولم أنس أمي… كان فراقها ناراً بداخلي.. لم يحس بمعاناتي أحد، فتقوقعت بداخلي، لأتجرع المرارة في صمت..!
دخلت مراراً لمحكمة… دون أن أعي شيئا… كان الحكم في البداية لصالح أمي، لأعيش معها فترة،.. ثم أعود إلى المحكمة لأعيش مع أبي.. كنت أخال نفسي ممزقة بين أمي وأبي.. كرهت طفولتي التعيسة.. جرعتني زوجة أبي المرارة، كنت خادمتها.. كنت غريبة في بيت أبي وبين إخوتي من أبي…!
حين كبرت، نبشت في ذلك الماضي.. فكان الجواب : لخلاف بسيط بين أمي وأبي، تدخلت العائلتان، ليعكر الصفاء بين أبوي، فيتشعب المشكل ويتعقد.. أقسم جدي (سامحه الله) ألا يعيد أمي لأبي.. فتحداه أبي وطلق أمي وتزوج.. وتزوجت أمي أيضا.. لتتضاعف معاناتي وشعوري أنهما قد تخليا عني.
تدخلوا جميعا؛ تصارعوا؛ لم يعقلوا؛ لم يصلحوا… فكنت أنا الضحية، دفعت ثمن صراعهم الأحمق غاليا، لم يحسّوا بي، ولا بمعاناتي…!
يبرر أبي حِرماني من أمي أنه انتقم منها.. وتبرر زوجته قسوتها علي أني أشبه أمي كثيراً، أمي التي ظل أبي متعلقا بها ولم ينسها طول حياته رغم زواجه…!
والحق، أنهم جميعا لم ينتقموا إلا مني… ورغم ذلك أبرّ بهم جميعا وأتفانى في البرور بهم، لأن البر بالوالدين من أوجب الواجبات مهما كان!
فرفقا بأبنائكم قبل التفكير في الطلاق… فإن حصل، فلا تجرعوهم ثمن أخطائكم!؟
ذة. نبيلة عزوزي