الغرب وعلى رأسه أمريكا لا يعتمد في محاربته للإسلام والمسلمين على القوة الحربية وحدها بل يعتمد على وسائل أخرى كثيرة تقع تحت باب “السياسة” ومن مفردات هذه السياسة مصانع أو قُلْ مؤسسات تُعنى بإعداد عملاء يحملون أسماءنا وينتمون إلينا ولكنهم مشحونون بالحقد على بلدانهم وأوطانهم يولونهم مناصب عليا وعليهم تنفيذ المخطط الموكول إليهم بكل أمانة وحماس وصدق، كأنهم آلات بها أجهزة تجعلها مثل الإنسان الآلي أو الروبوت، وقد استطاعت هذه المصانعُ أو المؤسساتُ أن تنجز أعمالا كبيرة على يد تلك الآلات المنفذة للأوامر.. فإذا ما تمرد أي إنسان آلي على ما رُكِّبَ فيه من التعليمات والأوامر دُمِّر تدميرا ساحقا مثل ما وقع لعميلهم السابق نورييكا بإحدى دول أمريكا الجنوبية.
وما يقع في الضفة الغربية من فلسطين على يد ما يُسمّى بالسلطة الفلسطينية داخل في هذا الباب.
جاء في مقال “رأى القدس” ما ملخصه (5 / 6 / 2009) إن إقدام قوات الأمن (التابعة لعباس) على جريمة اغتيال فدائيين من حماس واعتقال بعضهم ليس غريبا، فهذه القوات لا تمثل “فتح” (حركة تحرير فلسطين) وخطََّها الوطني المشرف وإنما هو المشروعُ الأمريكي في المنطقة الذي يريد تطوير قوات فلسطينية تتصدى للمقاومة وفصائلها وتمنع عملياتها مما يحقق الأمن للإسرائيليين سواء داخل ما يُسمَّى الخط الأخضر أو في المستوطنات.
قال الجنرال دايتون في محاضرته بمعهد واشنطن:
إن ثلاثةَ أجهزة استخبارات تُشْرفُ على اختيارِ وتدريبِ عناصرِ الأمن الفلسطينية الجديد: الأولى الموساد الإسرائيلي- والثانية المخابراتُ المركزية الأمريكية (س آي إيه) والثالثة المخابرات الأردنية، ويتركز تدريبُ هؤلاء على تغييب (وتجفيف) الوازع الوطني وتنفيذ الأوامر فورا ودون تردد.
قال المحرر: ونَصُّ محاضرة الجنرال دايتون موجودٌ على موقع المعهد المذكور ومما جاء فيها:
“قيام هذه القوات بالتنسيق الأمني مع إسرائيل وفي إطار هذا التنسيق وقع هذا الهجوم”.
إذن فالمؤامرةُ على فلسطين واضحةٌ ومفضوحةٌ ولا تحتاج إلى تفسير. إن استئصال المقاومة ولاسيما حماس هو الهدف الأساسي التي تسعى إليه القوات الصهيونية وعملائها من قوات الأمن العباسية تحت إشراف حكومة سلام فياض، ومَنْ سَلامُ فياض هذا؟ يقول المفكر الفلسطيني الكبير منير شفيق في برنامج زيارة خاصة بالجزيرة.
إن هذا الرجل لا يُعْرَفُ في مجال النضال الفلسطيني وإنما كان موظفا في أمريكا بالبنك الدولي وجاءت به المخابراتُ الأمريكية وجعلته على رأس “الحكومة الفلسطينية” لتنفيذ مخطط دايتون وغيره؛ وفي نفس الخبر نشرت القدس ما ورد في جريدة معاريف الصهيونية من أن هذه الأجهزة الأمنية تتكون الآن من ثلاثة كتائب وتهدف لأن تصل إلى عشر كتائب لفرض النظام والقانون ونزع السلاح من رجال الفصائل المسلحة، وقد حاز هذا العمل رضا وقبولَ كبار الضباط في الأجهزة الأمنية الصهيونية بحسب الصحيفة ولا تُقْدِم السلطة على تكوين وتدريب كتائب أمنها إلا بعد موافقة السلطات الصهيونية، ونشرت معاريف أخبار ذات أهمية في هذا الموضوع مما يجعل كلام الناطق الرسمي باسم هذه القوات العاملة وزمرته ليس له نصيب من الصدق، فالمقصود هو إنشاء جهاز أمني قوي للفتك بالمقاومة وحماية “إسرائيل” من كل مَنْ تسول له نفسه الجهاد في فلسطين .. (انظر القدس العربي 9/6/2009).
إن المؤامرة واضحة ومكشوفة ومعترفٌ بها دوليا وعربيا، ومما هو معروف ومعلوم أن عملاء أمريكا والصهيونية سمّمت ياسر عرفات واغتالته وجاءت بمحمود عباس وزمرته وهو من أصل إيراني ويقال إنه بهائي وهو محاط بمناضلين في ميدان شركات ومؤسسات اقتصادية ومالية مثل قريع ونبيل شعت وغيرهما الذين ينفذون أوامر دايتون والمهم عندهم هو القضاء على مشروع الجهاد الإسلامي الذي تتزعمه حماس… وكلمة أوباما الناعمة تصب في هذا الهدف إذ الحرب خدعة وما يُتوصل إليه بالنعومة لا يُحقق بالعنف والمواجهة !!
أ.د. عبد السلام الهراس