كثيرا ما ينعتنا الغرب نحن –دول العالم الثالث- بأن سبب تأخرنا يقع في جزء كبير منه على تغييب الديمقراطية وسوء الحكامة في تدبير الشأن العام والمحلي، وفي هذا غير قليل من الصحة، فلا أحد ينكر أن الاستبداد السياسي والاستحواذ على الثروات من قبل حفنة من الوصوليين الذين فصَّلوا الدستور على مقاسهم، ووضعوا الجيش والشرطة تحت سطوة ديكتاتوريتهم، كانت وما تزال الحجر الذي يحيل جهودنا عثرات… غير أن هذا الغرب الذي يلعب دور الأستاذ ويقوم بتنقيطنا وترتيبنا في سلم المنعم عليهم، أو المغضوب عليهم هو الآخر في حاجة إلى من يقوم بتقويم اعوجاجاته في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان وسوء الحكامة… ألم تنكشف عورة فرنسا على فضائح يندى لها جبين الديمقراطية، فهذا “فرانسوا فيون” مرشح الحزب الجمهوري يوظف زوجته كشبح بمبالغ خرافية، وهذا وزير الداخلية المستقيل يوظف ابنتيه القاصرتين كمساعدات في البرلمان، وهما ما زالتا تلميذتين في الثانوية. وهذه هولندا تمنع تجمعا خطابيا لوزير تركي تحت ذريعة التأثير على الناخب التركي في الاستفتاء المزمع تنظيمه في تركيا، هذه أمريكا وألمانيا وفرنسا وكل دول الغرب تدعم أنظمة استبدادية لأنها توافق هواهم في الهيمنة على مقدرات الشعوب… فعن أية ديمقراطية يتحدثون؟!!… وهم يدعمون الديكتاتوريات في كل مكان… إنها لعبة الأقوياء الذين جعلوا منابر الأمم المتحدة ومجلس الأمن أداة لقهر الشعوب، وفرض الحروب، وإشعال نار الفتن في قلب العالم العربي والإسلامي تحت أجندة محاربة التطرف والإرهاب… إن عقلائنا من سياسيين ومثقفين وعلماء دين مدعوون إلى تنبيه الأمة إلى الأخطار المحدقة بها داخليا وخارجيا، وتكوين جيل وسطي بعيد عن الغلو والتطرف، متسلح بثقافة شرعية منفتحة ومتفتحة قوامها الإسلام المعتدل الذي يضع الحياة يدل صناعة الموت، ويساهم في الرفع من قدرتنا على تحدي الخصوم من منظور العلم ونشر قيم العدل لا من خلال نشر الرعب وتضبيب الرؤية لدى الآخر … ستظل أوراق التوت تسقط تباعا بالرغم من كل مساحيق الديمقراطية الغربية، وسنشل نحاول نفي التهمة عن إسلامنا بمحاولات ساذجة … لأننا باحترابنا الداخلي والولوغ في دماء بعضنا البعض، اخترنا موقع المتهم -بفتح الهاء- بدل موقع المتهم -بكسرها-…
ذ . أحمد الأشهب