عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما أن رسول الله قال : >يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدَّيْن<(رواه مسلم)، وفي رواية له : >القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدَّيْن<. قال النووي ] : فيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى.
قال الأُبي رحمه الله تعالى : وهذا إذا امتنع من أداء الدَّيْن لَدَداً، أما إذا لم يكن لدد وإنما امتنع من أدائه لعسره فإن الله سبحانه يقضي عنه خصومه.
وعن أبي قتادة ] أن رسول الله قام فيهم فذكر أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله، أفضل الأعمال، فقام رجل، فقال : يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتُكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله : >نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر، محتسب مقبل غير مدبر< قال العلماء : هذه شرائط في تكفير الذنب، ومعنى محتسباً مخلصاً لله تعالى فلو قاتل لغنيمة أو عصبية فلا شيء له >ثم قال رسول الله كيف قلت؟< قال : أرأيت إن قُتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله : >نعم وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدَّين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك<(رواه مسلم).
قال القرطبي رحمه الله تعالى : هذا بحُكْمِ عمومه يشمل جميع الخطايا، ما كان من حقوق الله تعالى والآدميين، لكن الاستثناء الوارد بعد هذا يبين أن هذا الخبر ليس على عمومه، وإنما يتناول حقوق الله تعالى خاصة لقوله : >إلا الدين< وذكره الدين تنبيه على ما في معناه من تعلق حقوق الغير بالذمم، كالغصب، وقتل العمْد، وغير ذلك من التبعات(1).
قوله : >إن جبريل قال لي ذلك< أي لعله أخبره به تلك اللحظة ولم يكن يعلمه من قبل والله أعلم.
ذ. عبد الحميد صادوق
———-
1- المفهم ج 3، 713.