تعتبر قضية دعوة الناس إلى أوجه الخير أولوية الأولويات لكل شخص (ذاتيا كان أومعنويا ) يوقف نفسه في خدمة ثوابت الأمة والذوذ عن حماها. وحيث إن مجال دعوة الناس إلى المعروف وصرفهم عن المنكر مفتوح في وجه كل مُكلفٍ بحسب استطاعته (يدا ولسانا وقلبا)، وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وأن من يملك قوة المال ليس كمثل من يعدمها، فإننا نتوجه بالمقترحات التالية إلى كل القائمين على إدارة شؤون المواطنين في الميدان الديني والثقافي على اعتبار أن لهم صلاحيات واسعة وسلطات فعلية تتيح لهم فرصا أكبر للنجاح؛ ونخص بالذكر :
- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؛
- واللجان الثقافية بالمجالس الجماعية المنتخبة؛
- والمؤسسات الخاصة ورجال الأعمال.
تتمحور هذه الاقتراحات حول توظيف وسائل الإشهار المستحدثة لخدمة أمر الدعوة، بل وجعلها إحدى واجهات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
1- استغلال اللوحات الإشهارية الضخمة المبثوثة في كثير من شوارع مدننا لأجل نشر آيات قرآنية وأحاديث نبوية على عموم المارين تذكيرا لمن يعلمها وإعلاما لمن يجهلها. وإنه حُق هنا أن تنبري الجهات الوصية على الشأن الديني لأجل مزاحمة ومدافعة الجهات المستهينة بالشأن الديني قصدا أوجهلا. نرى الآن على الشوارع لوحات ضخمة تظهر مشاهد مختلفة تثير الانتباه وتشده، وربما أن تلك المشاهد تعلق في ذاكرة المارين حتى بعد الانصراف عنها لمدة معينة قد تطول أوتقصر بحسب المشهد والمشاهد. أما إذا استحضرنا هنا تكرار المشاهدة يوميا وعلى مدى أيام إن لم يكن شهورا، فإن تلك المشاهد قد تعلق بذاكرة المارين بشكل دائم، وتثير في أذهانهم أفكارا وفي قلوبهم أحاسيس معينة بحسب ما تعرضه تلك اللوحات. وعلى هذا الأساس، فإن الأولى بأن يعلق في أذهاننا نحن المواطنين هي آيات الله عز وجل وأحاديث رسوله الكريم تذكيرا لنا ووعظا.
2- استغلال الفترات الإشهارية لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة لبث فواصل إشهارية تحث الناس على أحد أوجه المعروف وتنهاهم عن أحد أوجه المنكر. وإنه إذا كان لمنظمات المجتمع المدني بتلاوينها المختلفة دور ملموس نسبيا في استغلال تلك الفترات الإشهارية للذوذ عن معتقداتها وأفكارها، فإن الأولى بالإشهار والذوذ هوالمعتقدات الأصيلة لهذه الأمة التي أعزها الله عز وجل بالإسلام. ومجال العمل هنا واسع جدا لا يمكن حصره : فأين دعوات الحض على الصلاة مثلا؟ وأين دعوات فعل الخير من منظور ديني إسلامي عموما؟وأين هوحضور الفاعل الديني في هذا المجال؟.. أم أن الأمر يبقى حكرا على الغير…
3- توظيف مختلف وسائل الإعلام الأخرى لخدمة الدعوة إلى الله عز وجل أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر : وفي هذا الصدد تبدوتلك الوسائل غاية في الغنى والتنوع، بحيث يمكن توظيف المتعارف عليه حاليا، كما يمكن إبداع وسائل جديدة. ولنذكر هنا مثال ” المطويات ” والكتيبات الصغيرة المجانية ؛ فنفعها كبير رغم ضآلة حجمها على اعتبار خاصية الاختصار والتركيز التي تتميز بها. ويجدر بنا أن نشير هنا إلى ضآلة وجود أهل المغرب في هذا الميدان (إن لم يكن عدمه). ولئن كان لأهل المشرق سبق وتجربة رائدة في هذا الميدان -فنعترف بفضلهم في سد ثغرة عظيمة عندنا هنا في المغرب- فإننا لا نرضى أن نكون دون غيرنا : فنحن لا نعدم أهل الخير من الدعاة الصالحين المصلحين، كما لا نعدم أهل الخير من رجال الأعمال المحسنين، ولعل التحام هؤلاء مع هؤلاء في إطار من التشجيع والدعم من الجهات الرسمية كفيل بأن يجعل من المغرب منارة إعلامية أخرى تنضاف إلى منارات الإعلام الإسلامي الناجح.
إننا في عصر يقتحم فيه الآخر علينا بيوتنا ونوادينا وشوارعنا يبث معتقداته فينا وفي أبنائنا ؛ لهذا فنحن في أمس الحاجة إلى من يقتحم علينا بيوتنا ونوادينا وشوارعنا بدعوة الخير والصلاح.
هذه دعوة إلى الأخذ بزمام المبادرة من كل هؤلاء، لأن أعاصير العولمة المؤمركة التي تهب علينا توشك أن تقتلع جذور ذواتنا وهويتنا، ولأن أي تقاعس وتماطل وتسويف سينتهي بإلغاء وجودنا الذي يتمثل في خصوصيتنا الإسلامية. والله ولي التوفيق.
ذ. عبد المجيد التجدادي