أيها الجمع الكريم منظمين وباحثن وقارئين وشاهدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـــاسم مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) الحاملة لهم معضلات التراث الثلاث : معضلة النص، ومعضلة المصطلح، ومعضلة المنهج، أحييكم من القلب، مقدرا لجهدكم وجهادكم، وصبركم ومصابرتكم في هذا الثغر الذي لا يرابط فيه إلا من يؤرقه هم الأمة، ومستقبل الأمة، وقائلا لنفسي ولكم كلمات (خفيفات على اللسان، ثقيلات -أحسبها كذلك- في الميزان) في شأن تحقيق التراث :
أولا : التراث هو الذات، والعناية به ليست عناية فقط بماضي الذات وحاضر الذات، ولكنها عناية أساسا بمستقبل الذات، ومن أراد أن يعرف أماكن قوته (كما قيل بحق) فلينظر أين تتجه سهام عدوه.
ثانياً : الحاضر الغائب في الذات وهو المخطوط من التراث، مادام غائبا عن أبناء الذات، فلن يكون له تأثير في فهم التراث ولا تقويم التراث ولا توظيف التراث، وتلك خسارة أيّ خسارة في صحة إدراك الذات وبناء مستقبل الذات.
ثالثا : اعتبار العلمية والمنهجية، والتكاملية والتنسيق من شروط الصحة لا من شروط الكمال في حركة التحقيق.
رابعا : النظر بجد في مشروع مؤسسة (مبدع) للإعداد العلمي الشامل للنص المخطوط : من الفهرسة إلى التصوير إلى التخزين إلى التصنيف إلى التوثيق إلى التحقيق إلى التكشيف إلى النشر :
1- الفهرسة :
وتتطلب إنجاز :
- معجم مفهرس للمطبوع من المخطوطات العربية في العالم، حاصر لما طبع، قابل سنويا لإلحاق ما يطبع. ويعين عليه أكبر العون -لو يكون- الدليل السنوي للمطبوعات العربية في العالم.
- ثم معجم مفهرس لمراكز المخطوطات العربية في العالم : العامة منها والخاصة (خزائن، ومساجد، وزوايا، وكنائس، ومتاحف،… وغير ذلك).
- ثم معجم مفهرس للمخطوطات العربية المحفوظة بتلك المراكز.
2- التصوير :
ويتطلب تصوير كل ما بالمعجم المفهرس للمخطوطات العربية في العالم من أصوله، دون انتقاء أو استثناء.
3- التخزين :
ويتطلب حفظ ما صور وتخزينه بأحدث الوسائل في “مركز جامع لصور المخطوطات العربية في العالم”، على أن يكون الانتفاع به ميسرا حاسوبيا لأي مؤسسة بحث على وجه الأرض.
4- التصنيف :
ويتطلب تصنيف ما خُزِّن من متخصصين، وحسب حاجات التخصصات، زمانا ومكانا وإنسانا وموضوعا..
5- التوثيق :
ويتطلب إثبات صحة نسبة ما صُنِّف إلى صاحبه، ضبطا للعلاقات “المختلفة بالقائل والسامع، والعصر والمصر.. إلى غير ذلك مما يمكن أن يستفاد من صحة النسبة، وتضبطه صحة النسبة؛ فيصحّ التصور للأمور زمانا ومكانا وإنسانا، تاريخا وواقعا”(البحث العلمي في التراث ومعضلة النص 4).
6- التحقيق :
ويتطلب إثبات صحة متن ما وُثِّق، كما صدر عن صاحبه، طبقا لقواعد وآداب معينة، وذلك لضبط الأحكام، والاستفادة من النصوص “انطلاقا من حدود عبارتها ليلا يُقَوَّل قائل ما لم يقل، فيقوّل بتقويله عصر، أو اتجاه، أو غير ذلك، وليلا يبني بانٍ بناءه على ما لم يصح، بسبب تصحيف، أو تحريف، أو بتر، أو غير ذلك، فيُفْسِد التاريخ والواقع معا<(البحث العلمي في التراث ومعضلة النص 4).
7- التكشيف :
ويتطلب إعداد كشافات لمحتويات ما حُقِّق، أسماء، ونقولا، وموضوعات، ومصطلحات و>لاسيما المصادر الأمهات التي تشبه في خصوبتها، وسعتها وكثرة عطائها الغابات<(البحث العلمي في التراث ومعضلة النص 2).
8- النشر :
ويتطلب طبع ما وثّق وحقّق وكُشّف، طبعا لا يُفسد ما أُعدّ، ثم توزيعَه توزيعا واسعا، يعين أكبر العون على ما قُصِد.
خامسا : تطبيق قاعدة “الاستفادة من الممكن إلى أقصى حد ممكن” في الاستفادة من إمكانات المعلوميات في معالجة التراث.
سادسا : بلورة ميثاق لترشيد حركة التحقيق أفقيا وعموديا في مختلف الجامعات ومراكز البحث العلمي.
سابعا : التعجيل بإنشاء المركز العالمي لتنسيق حركة التحقيق.
ذلكم ما تيسر من كلام في هذا المقام من رؤوس الأقلام.
والله تعالى الهادي بفضله وكرمه للتي هي أقوم.
والحمد لله رب العالمين.
أ.د. الشاهد البوشيخي