كل شيء يريده الإنسان من متاع الحياة الدنيا يدركه إن كان له مال، أو جاه، أو سلطة تنفيذية، هكذا علمتنا الحياة المادية الشقية، إذ الأسواق تغدق سلعها الشهية، لكن بالمقابل يا صاحب الطلعة البهية، كل شيء يباع ولو بالمزادات العلنية….. لكن أين النخوة العربية وأين أخلاق التربية الإسلامية؟ لكن لأهل البادية رؤية أخرى يا أصحاب النظرة المادية… إنها نظرة الفطرة الربانية النقية… في غمرة الحياة المدنية، خرجنا في نزهة جماعية إلى بادية مغربية، حيث الفطرة الربانية، والبساطة القروية، في غياب تام لتلك القسوة المدنية…. مر بنا راع غنم، وأدرَكَنا راع بقر… كلهم بادرونا بالسلام وأجمل التحية، مرحبا بكم في البادية المغربية… هل بإمكاننا الحصول على لبن هذه الماشية مقابل أجرة مادية؟ نعم هناك حيث مساكن أهل هذه القرية النائية، ولكن بدون أجرة مادية، فإكرام الضيف عندهم سجية… هيا بنا إذن حيث اللبن أعطية!!! وربما معه هدية… السلام عليكم يا أهل القرية النائية… توقف الأطفال عن لعب الكرة الدائرية واستقبلونا بوجوههم البهية… كأننا وفد من الحكومة الوطنية… مرحبا بكم يا أهل الحياة المدنية… جزاكم الله خيرا يا أهل البادية المغربية… هل تبيعون اللبن في هذه القرية النموذجية؟ لا… معاذ الله إنه منا هدية، وقرى الضيف أغلى أمنية… أماه هل في البيت لبن للهدية؟ مرحبا بالضيوف في قريتنا النائية… أعطهم لبنا وجبنا وزدهم هذه الخبزة من الفرن التقليدية… خد هذه الورقة النقدية هدية … إنها ليست ثمنا للبن ولا للخبزة البلدية… ولكنها هدية في مقابل الإكرام وحسن السجية… والله لن آخذها ثمنا للهدية فأنتم الضيف وهذه أغلى هدية… هذه هي البادية المغربية!!! وعفوا لن أدلكم على هذه القرية النائية، حتى أنعم لوحدي بتلك العطايا السخية… هكذا علمتنا الحياة المدنية!!!
عبد الحميد الرازي