قبل أسبوعين كنت
في الديار المقدسة لأداء العمرة، وذات صبيحة جلست بمطعم الفندق بالمدينة المنورة أتناول وجبة الفطور أنا وزوجتي، وفجأة سمعت صراخا بالمائدة التي بجواري. التفت فوجدت رجلا في عقده الستين يخاطب زوجته بعصبية :
- هات لي صورة السيسي، طَلِّعي لي صورة المشير عشان أبعثها عبر الفايسبوك… عايز أزود الضغط لإخوانك الإخوانيين..
وكانت زوجته التي يبدو عليها الوقار تحاول أن تُهدئ من روعه، غير أنه لم يكن إلا ليزداد عنادا.. فناولته هاتفها المحمول ليفعل ما عزم عليه..
وحتى ألطف الجو المكهرب الذي أحدثته ردة فعل هذا الزوج، ابتسمت في وجهها وقلت : الله يحفظ مصر وكل الأمة العربية والإسلامية.
رددت الزوجة بعيون حزينة وهي تتطلع إلى «البادج» الذي أحمله لتعرف من أي بلد أنا.
- آمين.. أنظر تعصب هذا الرجل فهو عسكري متقاعد ثم استطردت وكأنها تريد أن تجد لها حليفا :
- أنتم في المغرب كيف تنظرون إلى ما يجري في مصر؟
قلت لها أن غالبية المغاربة يحبون المسلك الديمقراطي في تداول السلطة، ولم يتعودوا أن يتدخل الجيش في حياتهم، فالجيش مكانه هو حراسة الوطن والحفاظ على أمنه وسلامته، وليس هو سدة الحكم، وقبل أن أسترسل قاطعني الزوج :
- ومن قال إن مصر يحكمها العسكر، فهي دولة مدنية، والمشير قبل أن يرشح نفسه استجابة لرغبة الشعب، سوف يقدم استقالته..
قلت له :
- الأمر ليس بهذه البساطة، فالعقلية العسكرية لن تنمحي بمجرد نزع البذلة العسكرية وارتداء بذلة وربطة عنق.. والعسكر في مصر له تاريخ طويل منذ ثورة 1952 في الاستحواذ على السلطة وفرض منطقه التحكمي، وغير مستعد أن يتخلى عن الكرسي بهذه السهولة.. وتعصبك للسيسي لأنك لم تنزع عقلية العسكر وإن نزعت بذلته.
وقبل أن أغادر طلبت مني الزوجة حسابي على الفايسبوك حتى يتسنى لها أن تعرف أكثر على المسار الديمقراطي المغربي، وعن الأرض التي تتجاوز المساحة المزروعة فيها مليون هكتار.
ذ. أحمد لشهب