… زعموا -والعهدة على الراوي- أنه كان في غابر الأزمان… قبل ألفي سنة من الآن قائد من بلاد الرومان يسوم أهله جميع أصناف الذل و الهوان… طاغية اسمه «كاليكولا» أراد أن يخلد التاريخ اسمه بمداد من الدماء والجماجم والأشلاء، فكر ثم قدر فقرر أن يسلط على شعبه مجاعة لم تحدث مثلها من قبل، تؤرخ في العالمين اسمه وتمجد في الآفاق ذكره… فمنع الحبوب وجميع المأكولات على شعبه حتى لجأ الناس إلى أوراق الشجر وحشائش الأرض وكل ما وقعت أيديهم عليه من الزواحف والقطط والكلاب والحمير (أعزكم الله)… دخل قبة البرلمان يوما راكبا حصانه المطهم بأحجار الياقوت والزمرد والمرجان حتى يعلن رسميا عن القرار الحكيم ويأخذ موافقة أعضائه بالإجماع، اعترض أحد النواب على دخوله قبة البرلمان الموقر على حصانه، ركله «كاليكولا» برجله جانبا، وقال له موبخا… «أيها الحقير إن هذا الحصان عندي أفضل وأنفع منك فهو يحملني و يخدمني»… وعلى إثر ذلك عين الحصانَ رئيسا للبرلمان… واحتفالا بالمناسبة أمر له بحنطة وشعير في إناء من ذهب، وحتى لا يشعره بالوحدة و الغربة، طلب من جميع النواب أكل البرسيم والحنطة مع الحصان المحترم… انكب الجميع على أكل الحنطة و البرسيم مهللين ومستبشرين بالقرار الحكيم للزعيم المفدى … إلا نائبا واحدا اعترض على القرار ورفض الانصياع للأوامر… فاقتيد على الفور للسجن الانفرادي و قيل أنه مات تحت التعذيب والعهدة على الراوي، وبعدها لفقت له قائمة من التهم -زعموا أنها باطلة– ومن بينها فراره من السجن بمساعدة عناصر خارجية تبين فيما بعد أن أحدهم قتل منذ أزيد من أربعين عاما خلت (أي قبل أن يولد كاليكولا) أما الآخر فمعتقل في سجون بلد مجاور منذ أن كان «كاليكولا» في الصف الرابع ابتدائي… والله أعلم والعهدة على الراوي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ذ: عبد القادر لوكيلي