بينما طالب علم رفقة شيخه في نزهة بين الحقول، إذ رأوا فلاحا وهو منهمك في العناية بحقله، وقد ترك نعليه بعيدا.
فقال الطالب لشيخه: ما رأيك أن أخفي نعلي هذا الفلاح، ثم نختبئ ونرى رد فعله فنستمتع لبعض الوقت.
رد الشيخ قائلا: يا بني تعلم أن لا تبني سعادتك على أحزان الآخرين وآلامهم، وعوضا من ذلك هلا وضعت بعض المال في النعلين ثم نرى تصرف هذا الفلاح الفقير.
أعجب الطالب بالفكرة، وكان غنيا، فتسلل حتى وضع في النعلين قدرا لا بأس به من المال، ثم تواريا خلف شجرة، حتى إذا قضى الفلاح عمله وهم بالرجوع، أتى نعليه فإذا فيهما مال كثير، فنظر عن يمينه فلم ير أحدا ثم نظر عن شماله فلم ير أحدا، ثم جثا على ركبتيه ورفع يديه إلى السماء باكيا ثم قال: أشكرك يا رب، فأنت وحدك تعلم كم أنا محتاج لهذا المال، فزوجتي مريضة ولا أملك ثمن الدواء، فلك الحمد والشكر.
هنا بكى الطالب وتأثر الشيخ ثم قال: أرأيت يا بني كيف أدخلت السرور على هذا الفلاح، وكيف تأثرت بهذا المشهد، فليكن همك إسعاد الناس، إذ سعادتك في سعادتهم.
انتهت القصة، ولا ريب أن فيها عبرا كثيرة ودروسا شتى، ولعل أعظمها أن تحرص أيها المبارك على إسعاد من حولك وإدخال السرور على قلوبهم، فهو والله أفضل ما تتقرب به إلى ربك، وأرجى عمل ترجو به الزلفى لديه. وسبل إسعاد الناس كثيرة لو فكرت قليلا، فاحرص في كل فرصة أن تبتكر أسلوبا لإسعاد الناس.
فاللهم اجعلنا سببا في إسعاد الناس، وقضاء حوائجهم. آمين.
منير مغراوي