1 - في تسمية السورة:
تسمى هذه السورة بسورة الرحمن. ولا شك أن السبب في ذلك ذكر هذا الاسم العظيم في مطلع هذه السورة. وهو اسم عظيم من الأسماء الحسنى، دال على صفة من الصفات العليا لله تبارك وتعالى.
وعندما نقارن بين هذه السورة وسور أخرى من هذه الزاوية، أي من زاوية ذكر اسم الرحمن؛ فإن سؤالا كبيرا يمكن أن يرد هنا، وهو أليست سور أخرى هي الأولى بهذه التسمية؟ وخاصة سورة مريم التي ذكر فيها هذا الاسم الكريم ست عشرة (16) مرة. ومن لطائف ورود هذا الاسم الكريم في سورة مريم اقترانه بذكر العذاب في قوله تعالى على لسان إبراهيم : ياأبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا (مريم: 45). ويستفاد من هذا الاقتران عظم جرم الشرك، لأن كونه مُعَذِّبا وهو الرحمن يدل على أن الجُرْم المعذَّب عليه كبيرٌ جدا.
إن ورود اسم الرحمن في سورة مريم بهذا الشكل –دون سائر سور القرآن الكريم- ينطوي على أسرار عظيمة، وفوائد جمة، ومع ذلك عُدِل عن تسميتها بسورة الرحمن إلى تسميتها بسورة مريم. وهذا الجانب من هذه السورة الكريمة يحتاج إلى بحث مستقل.
لكنْ ما السر في تسمية سورة الرحمن بهذا الاسم مع أنه لم يذكر فيها إلا مرة واحدة؟.
والجواب والله أعلم هو وروده في مطلع السورة تنبيها على الجامعية التي جعلها الله في عدة أشياء: وأهمها القرآن والإنسان والميزان والزمان والكون. وهذه الأشياء تشكل محاور أساسية في السورة، وهي كما تدل على صفات القدرة والعلم والإرادة وما تنطوي عليه من معاني الكمال والجلال والجمال مما هو مخصوص به تبارك وتعالى؛ تدل أيضا على عظمة رحمته تعالى وسعتها كما قال في آية أخرى: ورحمتي وسعت كل شيء (الأعراف: 156) وقد جاء ذكر تلك الأشياء بين وصفين لله تبارك وتعالى أحدهما وهو “الرحمن” في فاتحة السورة، والآخر وهو “ذو الجلال والإكرام” في خاتمتها. قال القرطبي: “افتتح السورة باسم الرحمن من بين الأسماء ليعلم العباد أن جميع ما يصفه بعد هذا من أفعاله ومن ملكه وقدرته خرج إليهم من الرحمة العظمى من رحمانيته”(1).
غير أن السياق يجعل تعليم القرآن على رأس تلك المحاور، ويورده في جملة خبرية مفادها أن تعليم القرآن في علاقته بالإنسان هو أول مظهر من مظاهر هذا الاسم العظيم، أي أنه تجلٍّ شريف من تجليات صفة الرحمة. ولذلك فقد قدم ذكر التعليم على ذكر الخلق مع أن الخلق سابق عليه.
يقول الإمام الشوكاني: “ولما كانت هذه السورة لتعداد نعمه التي أنعم بها على عباده قَدَّم النعمة التي هي أجلها قدرا وأكثرها نفعا وأتمها فائدة وأعظمها عائدة وهي نعمة تعليم القرآن فإنها مدار سعادة الدارين وقطب رحى الخيرين وعماد الأمرين، ثم امتن بعد هذه النعمة بنعمة الخلق التي هي مناط كل الأمور ومرجع جميع الأشياء فقال خلق الإنسان ثم امتن ثالثا بتعليمه البيان الذي يكون به التفاهم ويدور عليه التخاطب وتتوقف عليه مصالح المعاش والمعاد لأنه لا يمكن إبراز ما في الضمائر ولا إظهار ما يدور في الخلد إلا به”(2).
ومن هنا يتبين بعض السر في تسمية هذه السورة بهذا الاسم الكريم.
2 – في مفهوم الرحمة ووصف الله تعالى بـ”الرحمن”:
قال الراغب رحمه الله تعالى: “الرَّحْمَةُ رِقّةٌ تَقْتَضِي الإحْسَانَ إلى المَرْحُومِ، وقد تُسْتَعْمَلُ تارَةً في الرِّقّةِ المُجَرَّدَةِ وتارَةً في الإِحْسَانِ المُجَرَّدِ عَن الرِّقَةِ نحوُ: رَحِمَ اللَّهُ فُلاناً. وإِذَا وُصِفَ به البارِي فليسَ يُرَادُ به إِلاّ الإِحْسَانُ المُجَرَّدُ دونَ الرِّقَةِ، وَعَلَى هذا رُوِيَ أَنَّ الرّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ إنْعَامٌ وإفْضَالٌ، وَمِنَ الآدَمِيّين رِقّةٌ وَتَعَطُّفٌ. وَعَلى هذا قوْلُ النَّبيِّ ذَاكِراً عَنْ رَبِّهِ: «أَنَّهُ لَمَّا خَلَقَ الرَّحِمَ قَالَ لَهُ أَنَا الرّحْمنُ وَأنْتِ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ اسْمَك مِن اسْمِي فَمَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ بَتَتُّهُ» فذَلكَ إشارَةٌ إلى مَا تَقَدَّمَ وهو أنّ الرَّحْمَةُ مُنْطَوِيَةٌ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: الرِّقّةِ وَالإحْسَانِ فَرَكّزَ تعالى في طَبائِعِ الناسِ الرِّقّةَ وتَفَرَّدَ بِالْإِحْسَانِ فصارَ كما أَنّ لفظَ الرَّحِم مِنَ الرَّحْمَةِ، فَمَعْنَاهُ المَوْجُودُ في الناسِ مِنَ المعنَى المَوْجُودِ للَّهِ تعالى فَتَنَاسَبَ مَعْنَاهُمَا تَناسُبَ لَفْظَيْهِمَا. وَالرّحْمنُ وَالرَّحِيمُ نحوُ نَدْمَانَ وَنَدِيمٍ ولا يُطْلَقُ الرّحْمنُ إلاّ عَلَى الله تعالى مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَعْنَاهُ لا يَصِحُّ إلاّ لَهُ إذْ هُو الذي وَسِعَ كُلّ شيءٍ رَحْمَةً، والرَّحِيمُ يُسْتَعْمَلُ في غَيرِهِ وهو الذي كَثُرَتْ رَحْمَتُهُ. قال تعالى؛ إن الله غفور رحيم (الأنفال: 69) وقال في صِفةِ النبيّ : لقد جاءكم… رحيم (التوبة: 128) وقيلَ إنّ الله تعالى: هُوَ رَحْمنُ الدُّنْيَا وَرَحِيمُ الآخِرَةِ، وذلك أنَّ إِحْسَانَهُ في الدُّنْيَا يَعُمُّ المؤْمِنِينَ وَالكافِرينَ وفي الآخِرَةِ يَخْتَصُّ بالمؤْمِنينَ وَعَلَى هذا قال: ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون (الأعراف: 156)، تَنبيهاً أنَها في الدُّنْيَا عَامّةٌ للمؤْمِنِينَ وَالكافِرِينَ، وَفي الآخِرَةِ مُخْتَصَّةٌ بالمُؤْمِنِينَ”(3).
والرحمة صفة وُصف بها الله تعالى، وَوُصف بها كتابه: القرآنُ الكريم، وَوُصف بها نبيُّه: محمد ، وَوُصف بها أتباعُ نبيه رضي الله عنهم. فالله تعالى هو “الرحمن” وهو “الرحيم” وهو أرحم الراحمين (يوسف 64)، والرسول بالمؤمنين رؤوف رحيم (التوبة 128)، وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين (الإسراء 82) و أتباع محمد والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم (الفتح 29)..
وإنما تحقق هذا الوصف للمخلوقين بسبب ما انتقل إليهم من فضل هذا القرآن الذي هو كلام الخالق.
وكما انتقل إليهم ذلك الوصف عبر هذا القرآن فقد انتقلت إليهم باقي الأوصاف الكريمة، وسائر الأخلاق العالية. ألم تسمع إلى السيدة الفقيهة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تصف خلقه : “إنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ كَانَ الْقُرْآنَ”(4)، والقرآن يقول: وإنك لعلى خلق عظيم؟.
3 – في كون تعليم القرآن من أعظم تجليات رحمة الرحمن:
• تقديم اسم الرحمن وتصدير السورة به:
ورد في سبب نزول هذه الآية أن المشركين قالوا في النبي إنما يعلمه بشر أي يعلمه القرآن(5)، قال ابن عاشور: “فكان الاهتمام بذكر الذي يعلم النبيء القرآن أقوى من الاهتمام بالتعليم”(6).
وقيل أنزلت حين قالوا: وما الرحمن (الفرقان: 60)؛ قال مقاتل: “لما نزل قوله: اسجدوا للرحمن قال كفار مكة: وما الرحمن فأنكروه وقالوا لا نعرف الرحمن، فقال تعالى: الرحمن الذي أنكروه هو الذي علم القرآن”(7).
وأيا كان ذلك فالظاهر من الروايتين أن قوله تعالى: علم القرآن وما بعده هو في تعريف الرحمن. فما قاله ابن عاشور يصدق أيضا على السبب الآخر.
فتقديم اسم الرحمن للتنبيه على مقالات المشركين، وذكر ما بعده من تنزيل القرآن وغيره للفت أنظارهم وإيقاظ عقولهم إلى المظاهر والتجليات العظيمة لذلك الوصف.
• مفهوم تعليم القرآن:
اختلف في معنى تعليم الله تعالى للقرآن على أقوال منها:
-قول الطبري: “بصَّركم به ما فيه رضا ربكم وعرَّفكم ما فيه سخطه؛ لتطيعوه باتباعكم ما يرضيه عنكم وعملكم بما أمركم به وبتجنبكم ما يسخطه عليكم فتستوجبوا بذلك جزيل ثوابه وتنجوا من أليم عقابه”(8).
-وقول الزجاج: “سهله لأن يذكر ويقرأ؛ كما قال: ولقد يسرنا القرآن للذكر”(9).
واستعمال لفظ التعليم هنا مفيد في العلاقة بين جهة الرحمة الإلهية التي مكَّنت جهة القدرة البشرية من استيعاب القرآن العظيم. قال الإمام البقاعي: “ولما كان لا شيء من الرحمة أبلغ ولا أدل على القدرة من إيصال بعض صفات الخالق إلى المخلوق نوع إيصال ليتخلقوا به بحسب ما يمكنهم منه فيحصلوا على الحياة الأبدية والسعادة السرمدية قال: علم القرآن أي المرئي المشهود بالكتابة والمتلو المسموع، الجامع لكل خير، الفارق بين كل لبس، وكان القياس يقتضي أن لا يعلم المسموعَ أحدٌ لأنه صفة من صفاته، وصفاته في العظم كذاته، وذاته غيب محض، لأن الخلق أحقر من أن يحيطوا به علما.. فدل تعليمه القرآن على أنه يقدر أن يعلم ما أراد من أراد، وعلم آدم الأسماء كلها (البقرة: 31)”(10).
وهذه المسألة قوية العلاقة بالخلق، ولذلك قال تعالى: بعده: خلق الإنسان. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: “فقوله خلق الإنسان إخبار عن الإيجاد الخارجي العيني.. وقوله علم القرآن إخبار عن إعطاء الوجود العلمي الذهني، فإنما تعلم الإنسان القرآن بتعليمه، كما أنه صار إنسانا بخلقه فهو الذي خلقه وعلمه”(11).
بل إن ترتيب خلق الإنسان بعد تعليم القرآن ينبه اللبيب على أن وجوده الحقيقي إنما يكون بهذا القرآن؛ فكما أن الله تعالى هيأ له الكون المنظور قبل خلقه لتتم له أسباب المعاش، كذلك وضع له الكتاب المقروء قبل إيجاده لتتم له الهداية إلى أحسن المناهج، كما قال : إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (الإسراء 9).
وفي هذا المقام يقول الراغب رحمه الله تعالى: “ابتدأ بتعليم القرآن، ثم بخلق الإنسان، ثم بتعليم البيان، ولم يدخل الواو فيما بينها. وكان الوجه على متعارف الناس أن يقول: خلق الإنسان، وعلمه البيان، وعلمه القرآن. فإن إيجاد الإنسان بحسب نظرنا مقدم على تعليمه البيان، وتعليم البيان مقدم على تعليم القرآن، ولكن لما لم يُعَدَّ الإنسانُ إنساناً ما لم يتخصص بالقرآن، ابتدأ بالقرآن، ثم قال: خلق الإنسان تنبيها على أن البيان الحقيقي المختص بالإنسان يحصل بعد معرفة القرآن. فنبه –بهذا الترتيب المخصوص، وترك حرف العطف منه، وجعل كل جملة بدلا مما قبلها لا عطفا- على أن الإنسان ما لم يكن عارفا برسوم العبادة ومتخصصا بها لا يكون إنسانا، وأن كلامه ما لم يكن على مقتضى الشرع لا يكون بيانا(12).
4 – في ضرورة بناء التعليم على هدى القرآن:
بناء على ما سبق يمكن أن نقول إن هذه الآية أصل عظيم في وجوب تقديم العلم بالقرآن وتعليمه على سائر العلوم، وأن هذا التقديم عنوان على الرحمة في قلوب القائمين على هذا الشأن وأنهم حقا يريدون مصلحة المجتمع، فذلك عنوان إرادة الإصلاح ومقياسه.
والأمر فضلا عن كونه اقتداء بهذا التصنيف الرباني العظيم للعلوم، له دلائل كثيرة دالة على أحقيته وأفضليته.
ومن أعظم الدلائل على ذلك أن هذا القرآن العظيم هو خاتمة الكتب المنزلة أي هو آخر ما أنزل من الوحي على البشرية في تاريخها الطويل. والقرآن الكريم يستعمل لفظ “الكتاب” في الدلالة على هذا المصدر العلمي الرباني العظيم. والمقصود به كل ما أنزله الله تعالى إلى الناس على مدى التاريخ البشري بواسطة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. كما قال تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.. (البقرة 213).
وقال : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْط (الحديد: 25). والشواهد على هذا كثيرة في القرآن الكريم(13).
فالكلام عن الكتاب مُتَوَّجٌ بالكلام عن القرآن باعتباره خاتم الكتب المنزلة قبله ومهيمنا عليها. وباعتباره الكتاب الوحيد الذي بقي متواترا ومحفوظا لفظا ومعنى.
والقرآن العظيم نازل بعلم الله تعالى ومتضمن لعلمه كما قال : فإن لم يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (هود: 14). وقال : وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأعراف: 52). وقال : قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (الفرقان: 6).
فالحاصل من ذلك وغيره أن القرآن عِلْمٌ، بل هو العلم سواء بالنظر إلى ذاته وموضوعه، أم بالنظر إلى مصدره حيث نزله العليم، أم إلى كيفية وملابسات نزوله حيث نزله بعلم، أم إلى كيفية تلقينه حيث علمه شديد القوى، أم إلى ذات المكلَّف بتبليغه إلى الناس جميعا وحالِه –وهو النبي الأمي- حيث صار به مُعَلِّما: ..وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (النساء: 113). فالقرآن العظيم إذن علمٌ عظيم: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (المزمل: 5). وهو فوق طاقة الإنسان لولا أن الله تعالى أقدره على تعلمه؛ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر(14)ٍ (القمر: 17)، وذلك مظهر من مظاهر رحمة الرحمن: الرَّحْمَانُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (الرحمن 4).
وإذا كان الأمر كذلك، وهو كذلك بلا شك، فإن تقديم العلم بالقرآن وتقديم تعليم القرآن هو الضمان الوحيد لتحقيق الرحمة لهذا الإنسان.
يقول أستاذنا الشاهد البوشيخي حفظه الله : “علم الغيب أي الوحي إطار علوم الشهادة، أي علوم الكون والحياة والإنسان، فإذا تحركت هذه داخل الإطار أثمرت ما خلق له الإنسان مما ينفع الناس ويمكث في الأرض، من عبادة الله جل وعلا، وإلا كنت جهلا مركبا قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونَنِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (الزمر: 64). والعلم بالله جل جلاله هو رأس العلم، من فاته فاته كل شيء، ومن أدركه فقد أدرك كل شيء. ذلك بأن صور الأشياء أسبابا وموانع، وأحجاما ومواقع، وأهدافا ووسائل.. لا تستقيم إلا من بعد العلم بهذا العلم، وهو في التحصيل سابق لكل علم.. وفي الترتيب منطلق لكل علم، وغاية وهدف من كل علم”(15).
د. مصطفى فضيل
———————
1 – تفسير القرطبي 17/ 159 .
2 – فتح القدير 5/ 131.
3 – المفردات/ رحم.
4 – أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين.
5 – انظر فتح القدير 5/ 131.
6 – التحرير 27/ 230.
7 – زاد المسير 8/ 105. وبنحوه أخرجه ابن أبي حاتم عن حسين الجحفي. انظر الدر المنثور 6/ 268. وهذا السبب هو المذكور أولا عند القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 17/ 152.
8 – جامع البيان 27/ 114.
9 - الجامع لأحكام القرآن 17/ 152.
10 – نظم الدرر 19/ 141.
11 – مفتاح دار السعادة 1/ 279.
12 – تفصيل النشأتين ص 150- 151.
13 – انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم مادة (كتب).
14 – وقد تكرر هذه العبارة أربع مرات في سورة القمر: الآيات: 17، 22، 32، 40.
15 – ورقات في المسألة العلمية/ مقالة ضمن مجلة الهدى ع 33 ص 31.