((القراءة منارة الحضارة ومرقاة المجد والسيادة،
القراءة مستشفى العقول،
القراءة تطرد الجهل من العقول،
لذة القراءة،
حينما أقرأ أحس بأنني أسْمُو،
بالقراءة أحيا الماضي وأفهم الواقع وأستشرف المستقبل،
أنصح جيلي بالقراءة حتى يستفيدوا ويفهموا ما يحيط بهم…)).
هذه مجموعة من العبارات التي وردت على لسان الطفلة المغربية مريم أمجون الفائزة في مسابقة “تحدي القراءة العربي لسنة: 2018″، وهي أصغر مشارِكة في هذه المسابقة؛ إذ لا يتجاوز عمرها تسع سنوات، ولقد تمكَّنَت من انتزاع لقب بطل “تحدي القراءة العربي” المقام في دبي بدولة الإمارات العربية، وذلك بعد بعدما تفوقت على أزيد من عشرة ملايين مشارك يمثلون حوالي 44 دولة…
ولقد تناقلت عدد من المحطات التلفزية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي هذا الخبر، وأجرت مع الطفلة مريم، التلميذة في المرحلة الابتدائية، عدة مقابلات، عبَّرت من خلالها التلميذة عن مسارها في القراءة، وعن مجالات ما تقرأه، وعن أهمية القراءة ودورها في بناء الإنسان والمجتمع، والبناء الحضاري بصورة عامة، وكان من بين ما قالته العبارات السابقة التي جاءت في بداية العمود..
والمتتبع لما بُثَّ في هذه المقابلات التي تَبادلها بعد ذلك، نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يستخلص أمورا منها:
- أن القراءة تعلِّم الثقة بالنفس والاعتماد على الذات، فمريم الصغيرة ذات التسعة أَرْبِعَة (جمع ربيع، بمعنى: عام) كانت تتحدث على القنوات الفضائية وكأنها فوق سنها بعقود: لغة فصيحة، أفكار مرتبة، عرض منهجي، تستفسر وتصحح، ومن ثَم كان فكرُها ومنطقها أكبر وأرزن وأدق.. ولقد عبَّرت عن هذا في بعض أجوبتها حينما سُئلت عن سرِّ النجاح وبلوغها القمة في التحدي، قالت: إنها الثِّقة في النفس، فالمتسابقون ” ليسوا أحسن مني ولست أدنى منهم”.
- أن القراءة تسمو بالعقل وترقى بالروح إلى الدرجات العليا، وبذلك تتطهر النفس من كل الأدناس والأرجاس وسفاسف الأمور التي يمكن أن يشتغل بها المرء الذي لا يقرأ. وعبارة “القراءة مستشفى العقول” تعبير بلاغي متميز عن السمو الرفيع والإحساس العالي الذي يشعر به القارئ.
- أن القراءة – أيّ قراءة كيفما كانت- هي عامل مهم في التربية والتكوين، ورحم الله العقاد حينما قال: يقول لك الناس اقرأ ما ينفعك، وأنا أقول لك انتفع مما تقرأ”. مع التأكيد أن الانتفاع مما يُقرأ لا يكون إلا بوازع ذاتٍ يكون لها من الحصانة ما يكفي، أو بتوجيه تربوي متابِع لعملية القراءة، وهذه حال مريم.
- وحينما يحصل للذات هذا الإدراك وهذا السمو، تمتلك بعد ذلك هذه الذاتُ قدرةً ذاتية على إدراك القِيَم العليا التي تختزنها النصوص المقروءة وتعبر عنها؛ فليس كل ما يُقرأ يُعلِّم ويبني، بل فيها ما يهدم، والهدم أسهل من البناء دائما. ومن هنا كانت لمريم تلك المَلَكَة التي أهَّلتها بتحديد الكتب التي يمكن أن تبني القيم، دون أي إقصاء لغيرها. فكان حديثها عن عنترة وشعرها مستشهدة بقوله:
قَد كُنتُ فيما مَضى أَرعى جِمالَهُمُ
وَاليَومَ أَحمي حِماهُم كُلَّما نُكِبوا
- أن القراءة تغرس في الإنسان حب الانتماء إلى الوطن، وبذلك عبرت التلميذة المتفوقة عن أنها “تمثل بلدها أحسن تمثيل”، وحين سُئلت عن وطنها المغرب وأن تجيب عن ذلك بإيجاز، أجابت: “إنه قطعة من الجنة”.
- أن القراءة تغرس الأمل في رسم مستقبل واعد باسم، بهذا اقتنعت مريم، ولهذه النتيجة توصلت، فنصحت أبناء جيلها بالقراءة حتى يستفيدوا ويفهموا ما يحيط بهم.
ويبقى بعد هذا ثلاثة أمور أخرى لا بد من الإشارة إليها:
أولا: أن العربية الفصحى ليست بتلك الصعوبة التي يُخَوَّف الناس بها، فلقد انسابت هذه اللغة سيَّالةً على لسان مريم وهي تتحدث إلى وسائل الإعلام.
ثانيا: أن التربية عامل مهم في تنشئة الجيل الصاعد على حب القراءة والتطلع إلى المعرفة، سواء أكانت تربية الوالدين، أو تربية المربين من الأساتذة والمشرفين.
ثالثا: أن أبناء المغرب، والحمد لله، بمن فيهم الجيل الناشئ، يختزنون طاقات واعدة، مما يلقي مسؤوليات كبرى على الجهات المعنية بترشيدها وتوجيهها وتنميتها، والعمل على إبراز أن صورة المغرب المثلى تكون أولا وأخيرا في القراءة والتعلم…
حفظ الله مريم أمجون، وجعلها قرَّة عين لوالديها، وحفظ أبناء المغرب من كل سوء.
ان غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم
بارك الله فيكم وفي كل الجهود المبذولة
شكرا لكم على تفاعلكم
تعتبر هذه الموهبة نبراسا لكل طفل ومتعلم متقد الهمة، سامي المقصد، همه الارتقاء في سلم الناجحين، وسلوك سبيل الصالحين المصلحين، وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه.
حفظ الله البني مريم امجون من أسوأ الأشيأء وأصحاب السوء وأقرانه
اللهم ثبتها بالحق وللحق وارزقها الرائ السديد
واجعلها صالحة مصلحة من الصالحات لهذا البلد الكبير
المغرب الحبيب