“القرآن وتزكية الإنسان”
شهدت رحاب المركب الثقافي والإداري لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمكناس يوم السبت 17 صفر 1440 هـ الموافق لـ 27 أكتوبر 2018م تنظيم الملتقى الرابع عشر للقرآن الكريم الذي دأب المجلس العلمي المحلي لعمالة مكناس على تنظيمه، وقد جعل الملتقى محور أشغاله وأنشطته موضوع: “القرآن وتزكية الإنسان” وذلك تحت شعار ” لَقَدَ اَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” (الأنبياء: 10).
وقد تضمنت أنشطة الملتقى شقين : ندوة علمية وأنشطة موازية.
أولا على مستوى الندوة العلمية، التي أشرف على تسييرها الدكتور محمد الأنصاري أستاذ بكلية الآداب ـ مكناس، فقد انطلقت بآيات بينات من القرآن الكريم، ثم بين فضيلة الدكتور سياق الندوة ورهاناتها وتلبيتها لحاجات المجتمع وكونها واحدة من الأنشطة العلمية والتربوية العدية التي يسهم بها المجلس العلمي المحلي لعمالة مكناس في التنمية البشرية وتأهيل العنصر البشري علميا وأخلاقيا من خلال مقومات الأمة وتراثها الغني بالقيم البانية.
وقد تضمنت الندوة ورقتين علميتين؛
قدم الأولى منهما فضيلة الدكتور امحمد العمراوي (أستاذ بكلية الآداب مكناس) بعنوان: “المنهج القرآني في تزكية الإنسان: قواعد وفوائد”، بين فيها أن الغاية من إرسال الرسل وإنزال الكتب هي العبادة، مستدلا على ذلك بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ثم عرف مفهوم التزكية في الاصطلاح الشرعي، مبينا قواعده وفوائده؛ وقد فصل القواعد التي تقوم عليها عملية التزكية القرآنية إلى:
- العلم بالله من خلال دعوة القرآن إلى القراءة باسم الله،
- وتعريف الإنسان بنفسه،
- وتعظيم الإنسان ربه،
- والحرص على مرافقة الأخيار.
ما الفوائد فحصرها في خمسة:
تحديد قصد العبودية،
وإدخال المزكي في عباد الله.
وتحقيق الفلاح العام.
وتحقيق النجاح العام.
ثم شوق دخول الجنة…
وختم ورقته مشددا على أن التزكية صفاء للروح، وتفريق بين الهدى والضلال، بقصد صلاح الإنسان وازدهار العمران.
أما الورقة الثانية فقدمها فضيلة الدكتور عمر جدية (أستاذ بكلية الآداب فاس سايس)، تناول فيها موضوع: “إدراك مقاصد القرآن سبيل لتزكية الإنسان” فبين أن أحوال العباد في أخذهم بأسباب التزكية لا يخرج عن مظهرين اثنين: الإفراط أو التفريط؛ مؤطرا كلامه عن مظهر الإفراط بقول الإمام الشاطبي: “المقاصد أرواح الأعمال”، كما ركز على إبراز مقاصد القرآن في التزكية وبين أنها لا تخرج عن المقاصد العامة للقرآن الكريم في بناء الإنسان الصالح المتخلق بالأخلاق الفاضلة مع ربه ودينه والناس، وبناء المجتمع القوي والفعال بأخلاقه ومقوماته الدينية، مستدلا على ذلك بنصوص من الكتاب والسنة واجتهادات العلماء الربانيين قديما وحديثا التي من خلالها استطاعوا بناء الإنسان الرباني العامل بالمنهاج القرآني وهداياته متفاعل إيجابيا مع قضايا واقعه انطلاقا من رؤية سليمة ومتوازنة في الإصلاح والتزكية.
واختتمت الندوة بمناقشة عامة للانفتاح على اهتمامات الحضور والإجابة عن تساؤلاته، إلى جانب هذا تخللت الندوة الصباحية توزيع الجوائز على الفائزين في المسابقات القرآنية، والفائزين بجائزة ابن غازي لقراء التراويح.
وفي الخامسة مساء كان جمهور المدعويين على موعد مع محاضرة علمية قدمها فضيلة العلامة عبد الله بلمدني (عضو المجلس العلمي المحلي لبني ملال) في موضوع “معالم الآيات المشرقة في تزكية النفوس المشرفة”.
ثانيا على مستوى الأنشطة العلمية والتربوية الموازية حيث تضمنت برنامجا متنوعا من العروض والمحاضرات وزعت على مساجد العمالة قدمها السادة الأئمة المرشدون بلغ عددها حوالي 23 عرضا غطت 23 مسجدا بمختلف مناطق العمالة، وامتدت هذه الأنشطة من السبت 20 أكتوبر إلى الخميس 25 منه، وقد افتتح هذه المحاضرات.
التزكية من المواضيع المهمة خلال العصر الحالي، فهي من القيم العليا الحاكمة كما أشار لى ذلك حسن ملكاوي في كتابه التوحيد التزكية العمران ، التطرق لها من خلال الرؤية المعرفية الحضارية.
التزكية تعطي ثمارها حينما ترتبط بالمنهج القراني،وهذا ماكان عليه الصحابة رضي الله عنهم في تطبيق منهج التزكية وتنزيله على على أرض الواقع، فلا تقتصر على الخلجات النفسية فقط ، بل لابد أن تجمع بين المادة والروح، بين العقل والنقل ، وقد كتب كثير في منهج الزكية كالغزالي، ابن القيم الجوزية ، سعيد حوى، في مجموعة من التعاريف نستخلص منها ان مفهوم التزكية يرتبط بالارتقاء، تختص بالذات الانسانية التطهير من السوء و الترقية في الخير ، النمو و الزيادة في العطاء المادي من الانفاق والصدقة والمعنوي من خلال المجاهدة لبلوغ درجة الاحسان ، قوله تعالى : ” قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها” و السؤال المطروح لماذا تعثر مفهوم التزكية اليوم وغاب عن الساحة الاجتماعية الاقتصادية السياسية الثقافية الفكرية …. ؟ وأصبح فيه كثير من الضبابية ؟ فكيف نرقى بهذا المفهوم اليوم ونعيده إلى أصله الطبيعي المنبثق من القران الكريم؟
نرجو من فضلكم الاستفادة من المداخلة كاملة: للاستاذ الكريم عبد الله المدني والأستاذ محمد العمراني وجزاكم الله خيرا