يتوافد الأقارب تباعا من مدن بعيدة عن البحر… يتكدس البيت بالضيوف… تفقد الأسرة المضيفة خصوصياتها… تصبح غرف نومها وأشياؤها الخاصة ملكا مشاعا للضيوف…
تلزم ربة البيت وبناتها المطبخ لإعداد الوجبات.. يضقن بحرارة الطبخ والحجاب وعدم استئذان الضيوف وطلباتهم…!
يظل الضيوف في البحر.. يتركون البيت متسخا مقلوبا رأسا على عقب.. يعودون مساء بملابس لا تكاد تستر أجسامهم.. يستفزون الأسرة والجيران… يدخلون البيت بفوضى.. يلتهمون الطعام… يستحمون.. يقلبون البيت رأسا على عقب وأوساخا… ويخرجون ثانية… يعودون بعد منتصف الليل.. يملأون البيت صخبا وضجيجا وأضواء… يلتهمون الطعام المهيأ في المطبخ.. يضج البيت برائحة الزيت والقلي… يقضون مضجع الأسرة المضيفة… تضيع صلاة الفجر… تتخبط الأسرة في فوضى عارمة.. ينقلب نظام حياتها رأسا على عقب…!
يشتكي الجيران من الفوضى… تصاب الأسرة بالحرج، فأجمل ما تملكه في الحومة السمعة الطيبة وحسن الجوار…
تنهار الأم وبناتها من فرط خدمة الضيوف والسهر… ينهار الأب ومواعيد عمله.. ترتفع المصاريف… تتضاعف فاتورة الماء والكهرباء… تنهار ميزانية الأسرة… تلجأ إلى الاقتراض من معارفها…!
تقضي الأسرة ديونها أقساطا طيلة العام… تتنفس الصعداء…
تقترب العطلة، يستبد بها القلق.. كرهت فصل الصيف والعطلة..
أخبرها الأقارب بمواعد زياراتهم… اعتذر رب الأسرة بحجة ضيق البيت وحرج زوجه وبناته… احتجوا: “التيساع في القلب!”.
اقترح عليهم حلا وسطا.. أن يستأجروا بيتا مفروشا… احتجوا: “وهل ستتولى أنت المصاريف كلها؟! نحن في عطلة، فمن يخدمنا؟!”.
كرر اعتذاره… نصحه أخوه: “أنت لست رجلا.. تتحكم فيك زوجك.. تفرق بينك وبين عائلتك… لو كنت مكانك لطلقتها!”.