قيمة الوقت:
بعد قضاء عام دراسي مُضنٍ وشاقّ وما يعقبه من تعب وإرهاق، تأتي فترة الراحة والاستجمام، المعبّر عنها بالإجازة الصيفية، وهي فترة يتغافل عنها الناس فيستمتعون بالراحة واللهو المفرط، وقد يصل الإنسان إلى حدّ إهدار الوقت وضياعه في التفاهات، التي لا تجدي نفعا، فإراحة البدن بعد التّعب أمر ضروري لاستعادة النشاط والحيوية؛ لكن أن يصل الأمر إلى إهدار هذه النعمة، نعمة الوقت والفراغ، فهذا غير مقبول شرعا.
لقد اعتبر الإسلام الفراغ نعمة ودعا إلى استغلاله في طاعة الله تعالى وما ينفع العبد في الدنيا والآخرة، كما نبه رسول الله إلى غفلة الناس عن هذه النعمة وعدم تقديرها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «نعمتان مَغبون فيهما كثيرٌ من الناس؛ الصحة والفراغ» (رواه البخاري).
إن تقدير الوقت في حياة المسلم يعتبر قيمة من قيم تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف؛ لما في ذلك من فوائد جمّة يجنيها الإنسان من الوقت، فهو سرّ تقدم الإنسان وازدهاره، وقد أنيطت بالإنسان مسؤولية إدارة الوقت والعناية به، وسيحاسب الإنسان على ذلك يوم القيامة منذ أن تطأ أقدامه أرض المحشر. فعن معاذ بن جبل أنَّ رَسُولَ الله قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره: فيمَ أفناه؟ وعن شبابه: فيم أبلاه؟ وعن مالِه: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعَنْ عِلْمِه: ماذا عمل فيه؟»؛ (أخرجه التِّرمذي برقم: 2340).
اقتراحات عملية في تدبير الإجازة الصيفية:
إن تدبير الحيّز الزمني في حياة الإنسان، والتّخطيط المحكم للوقت يعد أمارة على النّبل والرفعة، ووسيلة لتحقيق النهضة العلمية والفكرية؛ لذا ارتأيت تقديم بعض التوجيهات في شأن الإجازة الصيفية، وذلك على النحو التالي:
وضع خطّة تحدّد كيفية قضاء فترة الإجازة الصيفية،منذ الشروع فيها؛ لكي يكون التدبير ناجحا.
تخصيص بعض الوقت لقراءة الكتب المفيدة والمجلات العلمية النافعة.
مشاهدة بعض البرامج العلمية النافعة عبر القنوات الفضائية، أو الشبكة العنكبوتية.
القيام بالأنشطة الثّقافية والحرص على الحضور في الندوات العلمية؛ لما في ذلك من شحذ للذهن، واكتساب الرصيد المعرفي.
مزاولة بعض الأنشطة الرياضية والمداومة عليها خاصّة في الفترة الصّباحية.
الحرص على صلة الرحم وزيارة أفراد العائلة؛ لأن ذلك واجب شرعا.
القيام بزيارات ترفيهية واكتشافية، رفقة الأصدقاء الصالحين؛ لاكتشاف المواقع الأثرية وما تزخر به الطبيعة من مؤهلات بيئية.
تنظيم أوقات النوم وعدم الاستغراق فيه كثيرا؛ لأن الإفراط في النوم بكثرة يؤدي إلى الكسل والخمول.
وبهذه الخطوات العلمية يكون الطالب المتمدرس والمتعلم بصفة عامة، قد استفاد من إجازته الصيفية، وجمع بين المتعة والفائدة، من خلال صقل الفكر وشحذه بالقراءة الحُرّة واكتساب الرصيد المعرفي، وتنشيط البدن ببعث الحيويّة فيه من خلال مزاولته للحصص الرّياضية، والتّرفيه عن النّفس في إطار الشرع من خلال الزيارات الترفيهية والاستكشافية.