صعدت القطار وهي تقاوم آلامها.. بحثت طويلا عن مقعد فارغ..
تراءت لها مقاعد شاغرة.. ولجت مقصورة.. ألقت التحية.. نظرت إليها امرأتان شزرا.. تتمدد إحداهما على ثلاثة مقاعد وقد وضعت حقيبتها على الرابع.. تجلس الأخرى قبالتها وهي تتمايل مع القراءة في مصحف.. تضع هي الأخرى أغراضها على مقعدين شاغرين.. يجلس بجانبها رجل تبدو عليه سمات الصلاح على المقعد الرابع…
رجتهم صاحبتنا أن يفرغوا لها مقعدا… نظر إليها الرجل شزرا ولم يعقب.. انحنت تفرغ مقعدا لتجلس… قامت المرأة وهي تحمل المصحف، أعادت الأغراض إلى مكانها.. نهرتها غاضبة وهي تلوح بالمصحف: “نحن ركبنا قبلك، من محطة الانطلاق.. لو كنت تستحيين، لما دخلت علينا أصلا وقاطعتني عن مصحفي..!”
قامت المرأة الممددة قبالتها ترغي وتزبد وهي تمسك بسبحة…
رجتهم الفتاة: “إني مريضة أكاد أسقط..!”
نهرها الرجل ساخرا: “وهل نحن أطباء في مستشفى؟!”
صاحت المرأة صاحبة المصحف: “اللهم إننا صائمون!”
استدارت الفتاة تغادر المقصورة.. سحبتها امرأة حامل تقف في الممر، وهمست لها: ” ركبتُ قبلك.. طردني هؤلاء قبل أن أفتح عليهم الباب.. لا تتصوري كم تشاجروا مع المسافرين طيلة الطريق؟!”
استبد بها الدوار.. جلست على أرضية الممر يكاد يغمى عليها.. شعرت أن يدا تسحبها.. فتحت عينيها.. استحيت حين وجدت شيخين كبيرين واقفين، يدعوانها هي والمرأة الحامل للجلوس…!
ذة. نبيلة عزوزي