مساحة الحياة أعمق، عندما تتحرّك، بفيض أنثوي راق يمنح للآخر أن يرى الوجود بصورة مختلفة، ويعطيها من الأبعاد ما يحقّق للإنسان في صورته المتسامية كيانا متزنا يرى فيه الحياة بكل تفاصيل الوجع والفرح على أنّهما شيء من الحياة.
يكتب الرجل وتكتب المرأة، يشعر الرجل وتشعر المرأة، يرى الرجل وترى المرأة، توهيمات أسّست للتّصنيف، وجعلت من الكتابة الجنوسية إشكالا يُقْفز به على الخوض في المواضيع الكفيلة بصناعة الإنسان الحُرّ، فمتى كانت المرأة عدوّة للرجل؟! ومتى كانت قضاياهما مختلفة، إذا ارتبطت بمعنى الحياة والوجود والمصير؟! صحيح أنّ طريقة التفكير تختلف، فليس الذكر كالأنثى لأنّ لكل منطقه ومنطلقه في فهم الأشياء وقراءتها. ولكن الأصل في الاختلاف التّكامل وليس التآكل الذي تصنعه كثير من الكتابات الداعية إلى تحرير المرأة وتقويض الرجل بحجة طغيان الفهم الذكوري على كثير من الأشياء وتحكّمه فيها، وضعف النّساء وقلة حيلتهن، مع أن الواقع يقول العكس بوصفهن، أكثر قدرة على صناعة الفارق في الحياة.
يكتب الرجال المواجع، وتصنع النسّاء الفواجع، يكتبون الأمل وتصنع الأمل أيضا وبين الكتابتين والصناعتين، أفق يتحرك تحرّكا جميلا بالوعي، ويعطي ثمرته بحسن التفكير والتدبير متى وعت النساء والرجال على السّواء، أنّ قيمة وجودهم يكفل حضوره واستمراره القرابة الفكرية بين الجنسين لتأمين معنى، يفيد أنّ الإنسان هو امرأة ورجل يستثمران في الخير، ويكتبان لأجل انتعاشة الحسّ ورقي المعاني.
الصدامات المصطنعة كثيرة، والظلم كثير أيضا من الطرفين، ولكنّه أعتى عندما تحرّكه النّساء، بلا وعي، لماذا؟ لأنّ حجم المعاناة هنا، سيكون أكبر.
فالفعل والفاعل في واقع الحياة هنّ، وكثيرا ما يكون الرجل مفعولا به إذا ارتبط بصيغة إنّه من كيدكن إنّ كيدكنّ عظيم.
فكيد النّساء في الشّر عظيم، وكيدهنّ في الخير عظيم أيضا، ولذا كانت مساحة الكتابة، لدى المرأة أوسع في تمثّل الهمّ الإنساني أو الحديث عنه أو معايشته أو صناعته، وعندما تصنع الهمّ النّساء، وتعبّر عنه فكثيرا ما تعطي التبريرات للسلوكات الخاطئة، من منطلق الدّفاع عن النّفس، أو الانتقام لها، أو عدم فهم المحيطين بها، لما تحبّه هي وتراه، وهذه مغالطات أذهبت على الأدب وهجه، وأوقعته في إرباك كبير يصوّر الرّجل على أنّه عذابها رغم أنّه في أصل وجوده عالمها البكر للفهم والتودّد والحياة الكريمة، ويصوّرها مظلومة مهيضة الجناح رغم أنّها بطلة كل الحكايات شئنا أم أبينا، فعذاب المرأة امرأة مثلها، وفرحة المرأة، امرأة مثلها أيضا، وما الرجل في عالم النساء سوى شهريار ترهقه حكايات شهرزاد حين يطيل إليها السمع بلا وعي أيضا، وأنا هنا لا أبرّئ ساحة الرّجال وإنّما أومئ إلى أنّ فاعلية المرأة وفراستها أقوى إذا أرادت أن تجعل من المستحيل ممكنا، وعين الإمكان الانتصار للذاتها الفاعلة في تساميها وحسّها المرهف، وتمثلها للفضيلة وفهمها للحياة بتفاصيلها المختلفة، وتعبيرها عن هذا بما يفتقده إنسان اليوم ابنا وأخا وزوجا وكائنا بشريا يدرك أنّ وعي الكتابة النساء، وأنّ النساء عالم كبير مداخله مختلفة ومخارجه مختلفة إذا سطّرت بالقلم ما يزيد على التأكيد على أنّ ثقافة الصراع بين الجنسين هي من وحي قراءة خاطئة لمعنى وجود كليهما، هذا الوجود المرتبط بفلسفة التمكين لفقه التعارف الإنّيوالإثنيّ والكوني بتجلياته المانعة للتآكل والضامنة للتكامل الذي يعني صنع الإضافة عندما تكتب النساء…
فالخير كل الخير في وعي النساء….إن غاب هذا الوعي فالمعنى الفناء.
دة. ليلى لعوير