تشير الساعة إلى الواحدة صباحا، تنطلق سيارة الإسعاف كالبرق، يسبقها صوت إنذارها… تتوقف فجأة.. الشارع مقطوع!
نصبت في مدخل الشارع صالة متنقلة للحفلات.. يصدح بها مكبر للصوت بأصوات “الطلْبة” يرتلون القرآن الكريم جماعة.. يبدو أنها جنازة…
يترجل رجلا الوقاية المدنية.. يعزيان الواقفين أمام الخيمة:
ـ أعظم الله أجركم ورحم ميتكم… نريد المرور بسيارة الإسعاف إلى عنوان كذا.. ثمة سيدة فاجأها المخاض، وعلينا نقلها إلى المستشفى…!
ـ ما العمل؟! نحن في جنازة…
دلّهما أحد الحاضرين إلى طريق آخر…
هرولت سيارة الإسعاف.. توقفت فجأة… الشارع مقطوع!
ثمة قاعة متنقلة للأفراح تغلق الشارع، تضج غناء ورقصا.. يترجل رجلا الوقاية المدنية.. لا أحد يسمع نداءهما.. تقدم منهما رجل مرحبا.. قالا له:
ـ نريد المرور.. سيدة حامل وجنينها في خطر..!
رد الرجل: ـ الله يبارك فيكما .. تفضلا لكأس شاي وحلوى…!
كررا نداءهما.. لم يسمعهما.. سحباه بعيدا… أشار لهما نحو القاعة:
ـ ما لعمل؟! نحن في فرح.. كيف نهدم القاعة على العروسين والمدعوين!
تتوالى اتصالات أهل الحامل على إدارتهما..
تتوالى اتصالات إدارتهما بهما، وتوبيخهما على تأخرهما…
أرشدهما حارس سيارات: هناك زقاق ضيق كله درج يؤدي إلى ذلك العنوان..
هرولا مسافة بعيدة يحملان الحمالة وجهاز الأوكسجين.. يسود الزقاق ظلام حالك… يتعثران في الحفر.. يعترضهما شبان ثملون.. يسلبونهما كل ما في جيوبهما وجهاز الأوكسجين والحمّالة… يرجوهم أحدهما:
ـ سيدة حامل وجنينها في خطر…!
ذة. نبيلة عزوزي